مصطفي البلك*
أحرص دائما علي متابعة نشاطات الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ توليه رئاسة الصين في الرابع عشر من مارس 2013 خلفا للمهندس هو جين تاو الرئيس السابق للصين الشعبية، فالرفيق شي هو الرئيس السابع لجمهورية الصين الشعبية، ورئيس اللجنة العسكرية المركزية في جمهورية الصين الشعبية، والأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي الصيني وعضو اللجنة الدائمة لمكتبها السياسي، ويرأس اللجنة العسكرية المركزية للحزب ، واستوقفني حجم الانجازات التي تتم في عصره وما يستكمله من نهضة وتواجد علي أرض الواقع لعدد من رؤساء الصين العظام الذين سبقوه، بالإضافة لحب شعب عظيم يؤمن بالمستقبل المزهر الذي تسير فيه وإليه الصين، مما دفعني للبحث عبر الانترنت عن شي جين بينغ فوجدته تدرج في العديد من المهام الوطنية الحزبية وحاصل على عديد الشهادات الجامعية العليا، فهو محامي بكالوريوس ودكتوراه في الحقوق ومهندس كيميائي وفيلسوف وسياسي محنك، كما أنني عهده تشرفت بزيارة الصين أكثر من مرة بدعوة من جريدة الشعب الصينية العريقة والتي شرفتني باختياري عضوا في رابطة التعاون الإخباري والإعلامي لمبادرة الحزام والطريق، فرأيت طفرات وانجازات علي أرض الواقع في التعليم والعلوم والإعلام والثقافة والفنون والمسرح والصحة والصناعة والتصنيع.
لقد أصبح المنتج الصيني يجوب العالم كله واهتمت الصين بالطرق والنقل البري والبحري والجوي والاستثمارات داخلية وخارجية والسياحة والعمل على جذب السائح من الخارج والداخل، فأنشأت الفنادق واهتمت بالمزارات بشكل عام، اهتمام منقطع النظير ورأيت وعي كبير من الدولة بقيمة الإنسان وانتمائه لوطنه. كما قامت الصين ببناء الإنسان الذي هو عماد تقدمها ورقيها فأعطت له حقوقه فما كان منه إلا الحفاظ علي واجباته نحو وطنه والتي كان حريصا علي تقدمها في شتى المجالات، رأيت العمل يسير في شكل أفقي نحو نمو في كافة أوجه العمل والتطور .
عندما وصلت الصين لمرحلة التقدم والازدهار والاستقرار كثاني أقوي اقتصاد في العالم كانت مبادرة الرئيس الصيني شي جين بينغ وهي الحزام والطريق ” حزام واحد طريق واحد ” وهي مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير في القرن التاسع عشر من أجل ربط الصين بالعالم، لتكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ففي عام 1820 كان الاقتصاد الصّيني هو الاقتصاد الأكبر في العالم، لكن الثّورات الصّناعيّة في الغرب أنهت هذا التّفوق من خلال الفترة ( 1820 – 1978 )، حيث انحسر الاقتصاد الصّيني (لمقياس النّاتج المحلي)، كنسبة مئويّة من الاقتصاد العالمي بشكل مستمر ووصل إلى أدنى مستوياته خلال الفترة (1952 – 1978) ، وهنا بدأت العقلية الصينية في التركيز الأول على الاستثمار في البنية التّحتيّة، والتّعليم ومواد البناء، والسّكك الحديديّة والطّرق السّريعة، والسّيارات والعقارات، وشبكة الطّاقة والحديد والصّلب والانطلاق نحو العالم لتغطي هذه المبادرة أكثر من (68) دولة، بما في ذلك 65٪ من سكان العالم، محققةَ 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017، لذلك يقدر أنّها ستدرج ضمن أكبر مشاريع البنية التّحتيّة والاستثمار في التّاريخ وكانت الصورة رائعة خطوطها رسمت بالجمع بإرادة شعب وإدارة حزب ودولة علي رأسهم الرفيق شي جين بينغ الذي ما زلت أتشوق لمعرفة عنه الكثير، وكان لي ما تمنيت حيث أهدت لي جريدة الشعب الصينية كتاب من جزئيين للرئيس الصيني شي جين بينغ بعنوان ” حول الحكم والإدارة ” وكان بالنسبة لي كنز سأتعرف من خلاله على هذا الزعيم الصيني القوي الذي يدرك قيمة الإنسان ويعرف للوطن حقوقه ويسعي جاهدا للعمل من أجل المستقبل المزهر لدولة صاحبة تاريخ تعمل من أجل نهضتها ورقيها، فهرس الكتاب بدأ بمبدأ أساسي للانطلاق والعمل بعنوان ” أولا التمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتطويرها، ثم تلته عناوين لا تقل أهمية ولكن ترسخ بين كيفية الربط بين الإرادة والإدارة لعمل نهضة ومستقبل أساسه زاهر قوي للتقدم ويرسخ للتعاون والتبادل والمنفعة العامة ودعامة للانطلاق في الداخل والخارج. تنقلت بين صفحات الكتاب بجزئيه حتى ختمته وأنا أحمل في رأسي تجربة تستحق أن تدرس في عالمنا النامي والذي تعتبر الصين نفسها واحدة منه وترسخ للتعاون فيما بين شعوبه ودوله، والحقيقة أنني رأيت رئيسا عبرت عنه مجموعة صور في مقدمة الجزء الأول من الكتاب عمل في الريف ودرس في الجامعة وعمل في ديوان اللجنة العسكرية المركزية وأمين لجنة حزب ونائب عمدة مدينة وأمين لجنة حزب لأحد الأقاليم الصينية، واشترك في العمل الزراعي بالريف وشارك كعامل في بناء مشروع بناء الحواجز الواقية من الفيضان لنهر، زار دور كبار السن والعجزة والطلبة ضعاف السمع، وشارك متطوعا كمواطن صيني في إغاثة مقاطعة قويتشو بعد تعرضها لكارثة تجمد ناجمة عن تساقط الثلوج والأمطار، صديق للأمريكان الذين صادقهم في زيارته لولاية ايوا، محب لزوجته وأولاده حريص علي رعايتهم والتواجد معهم بار بأهله وبوالديه، فهو كيان رئيس بقلب إنسان، تعرفت إليه عن قرب وشاركته عبر صفحات كتابه رؤيته وفكره وأحلامه ورأيت فيه رئيسنا الزعيم عبد الفتاح السيسي الذي سُئِلَ يوم ترشحه للرئاسة عن برنامجه الانتخابي فقال ليس لدي برنامج، وكان رده صدمة لي واعتراض في نفس الوقت ومع مرور السنوات الخمس الأولي من حكمه أدركت بأنه كان محقا في إجابته، فما قام بتنفيذه يفوق أي برنامج انتخابي وما قدمه في هذه السنوات لا حصر له، وقد بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ توليه لمقاليد حكم البلاد في سنة 2014 في وضع خريطة واضحة لإحداث تنمية عملاقة لمصر في جميع المجالات، وذلك وفق أسس علمية وخطط مدروسة جيدا، لتحقيق الرخاء والازدهار للشعب المصري، بدأت بانطلاق المشاريع القومية العملاقة ومنها قناة السويس الجديدة وأنفاق السيارات أسفل قناة السويس وربط سيناء بالوطن الأم والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والطرق والسكة الحديد والموانئ المصرية على الخريطة العالمية، وفي عهده قاربت مصر بان تكون بلا عشوائيات لمواجهة الزيادة السكانية واستثمار الثروة السكانية لتكون قوة بناء مصر المستقبل، هذا بالإضافة الي إنشاء المدن الجديدة لمواكبة الزيادة السكنية ومطارات جديدة لخدمة مصر الحديثة وإنشاء مدن صناعية جديدة وحل مشاكل المستثمرين وإحياء قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية في مصر مرة أخرى فكان الاهتمام قطاع الري والموارد المائية والاهتمام بقطاع التعليم والعمل علي النهضة التعليمية لمصر الحديثة ودفع عجلة التصنيع المحلي من خلال الإنتاج الحربي والمصانع المصرية وقطاع السياحة والبترول والتعدين والاهتمام بعمل صناعات لثروة مصر التعدينية، فأصبح لدينا اكتشافات بترولية وغاز تؤكد أننا سنصل للاكتفاء الذاتي والتصدير للخارج وتصدر الدول المصدرة للغاز، ومنذ اللحظات الأولي عمل الرئيس السيسي على القضاء على معاناة الإنسان المصري من نقص الكهرباء فأصبح لدينا فائض من الكهرباء ، ومشروعات مياه الشرب والصرف الصحي والعمل على حل مشكلة سد النهضة والتضامن الاجتماعي والقضاء على الفقر، والاهتمام بصحة الإنسان المصري وصارت مصر خالية من فيروس سي، فأين البرنامج الانتخابي الذي يتسع لكل هذا.
وما أسعدني هوالتقارب المصري الصيني من قديم الآزال فهما أصحاب حضارة قديمة وعراقة وتقدم، فالطب الصيني التقليدي فيه تشابه كبير مع الطب المصري القديم، وهناك تقارب فى ظل امتلاك البلدين أرضية مشتركة وخلفية ثقافية متقاربة، إضافةً لوجود دوافع لدى الحكومتين على ضرورة تعميق المصالح المتبادلة، فالجانب الصينى يعتبر مصر بمثابة بوابة لإفريقيا، والجانب المصرى يعتبر الصين “نموذجًا فريدًا” فى التنمية الاقتصادية. وقد طالب عدد كبير من الخبراء بضرورة استفادة مصر من التجربة التنموية الصينية، حيث حقق الاقتصاد الصيني معدلات عالية، على الرغم من الأزمة المالية التي مر بها العالم، وضرورة نقل التكنولوجيا الصينية لمصر، والاستفادة من تزايد عدد السائحين الصينيين الذين يزورون مصر سنويا، حيث يقدر عددهم بحوالي 100 ألف سائح. البلدان لديهما حرص على تعميق هذه العلاقات المميزة في المجالات المختلفة من سياسية واقتصادية و ثقافية وعسكرية وثقافية، فمصر هي أول دولة عربية وإفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية، وتقيم علاقات دبلوماسية معها عام 1956، وذلك بعد مرور عام واحد من الاجتماع التاريخي الذي جمع وقتها، الزعيم الراحل جمال عبد الناصر برئيس وزراء الصين شو آن لاي في باندونج. كما سعدت جدا عند زيارتي لمقر جريدة الشعب الصينية والتجول عبر صفحاتها منذ أن أنشئت وحتى ألان ووجدت أن أخبار مصر تتصدر صفحاتها، وأن الصين داعم قوي لمصر فترة حكم الإخوان الكابوس الذي جثم على صدورنا، وأسعدتني عناوين جريدة الشعب الداعمة لمصر وحروبها ضد الكيان الصهيوني إسرائيل خاصة في حرب أكتوبر 73 حين طلب احد الزملاء الصحفيين المصريين الاطلاع علي عناوين جريدة الشعب في 8 أكتوبر 1973، وأسعدني أيضا أني رأيت صور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الصيني شي جين بينغ وهما يوقعات عدد من بروتوكولات التعاون المشترك في بهو وكالة الانباء الصينية شينخوا، والزيارات المتكررة للرئيس المصري للصين والتي تجد ترحابا كبيرا وتتصدر وسائل الإعلام الصينية، كما أن مصر في قلب الصين والصين في قلب مصر، إنها علاقات أبدية وحضارة لها تاريخ وسعي لمستقبل مشرق تجمع الصين ومصر وعبقرية السيسي و شي جين بينغ هدف واحد وحزام وطريق واحد.
* مصطفي البلك كاتب صحفي بجريدة الجمهورية جمهورية مصر العربية moustafaelbolok@yahoo.com