الأكاديمي مروان سوداح*
احتفلت جمهورية كازاخستان الصديقة بعيدها الوطني في الـ16 من ديسمبر الحالي، في أجواء من التطوّر والازدهار المُذهل الذي لم يَسبق له مَثيل في الكثير من دول الأرض، وضمنها الأوروبية أيضاً.
«الموديل» الكازاخي للتطوّر كان وما زال مِثالاً جاذباً ومُريحاً في الاتحاد السوفييتي وما بعده، وهو يَبرز بقوة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ليتمتع الشعب الكازاخي فيه بالكثير من رَغَد الحياة. إضافةً لذلك، يُضرب المَثل بهذه الدولة لتمتعها بسماحة فكرية ودينية وسياسية شاسعة تنسحب على قومياتها وإثنياتها التي تحيا بوئام. فالجميع هناك كما شاهدتهم بأم عيني، يتّفقون على القواسم الوطنية، بغض النظر عن لغاتهم وأديانهم، أصولهم وتفاصيل وجوههم الآسيوية والأُوروبية، بحيث غدا كل ذلك وغيره سِمةً تميّزهم في آسيا والكون، لتغدو هذه مَحط دراسة وتمحيص في أوساط البحاثة والمُهتمين الأجانب.
في المراجع والأخبار وخاصة الروسية منها، وتلك التي تحدثت عن عملية «البيريسترويكا» التآمرية والتدميرية، لمسنا كيف أن الرئيس نورسلطان نزارباييف، أب الأمة الكازاخية الموّحَدة وقائدها التاريخي، ثاقب البَصر وبعيد البَصيرة، إذ رفض الانفصال وتمترس في الخندق المقابل للتقسيم وشرذمة الدولة السوفييتية، وبقي نزارباييف حتى اللحظة الأخيرة متمسِّكاً بالوِحدة وملتصقاً بالمنجزات الإيجابية. لذلك، كانت كازاخستان آخر الجمهوريات السوفييتية التي أُرغمت على الانفصال بعد انحلال (الاتحاد) عام 1991، برغم أن الكثيرين من أفراد الطغمة الانقلابية المركزية في موسكو، تذيّلوا لقوىً كبرى خارج (الاتحاد) استمرأت تصدِير تعليماتها إليهم لتدمير الدولة وبيعها بالتجزئة من خلال تفتيتها، لإرغام قياداتها الأُممية والوطنية المحلية على سلوك طريق النزعات الانفصالية والاقتتال بين الإخوة، والتي أدّت للأسف إلى بغضاء وحروب بين بعض القوميات السوفييتية، نقلت الأوضاع إلى مناخ الضد للجماعية.
وبعد تأسيس الدولة المستقلة، استمر بعض الغربيين بإدارة حملة بغيضة غير مسبوقة بحق القيادة الكازاخية المُستمسكة بمبادئها، والتي أعلت القِيم الوطنية والسلام القومي والاجتماعي على أراضيها.. فقد كان المُخطّط الخارجي غير ذلك تماماً، لكن نزارباييف قاد الدولة إلى بَرِ الاستقرار ومصافِ الدول الأولى، واستثمر في باطنها وإنسانها لإعلاء قِيمها وقيمتها العالمية، فكان له ولشعبه المتحدة قومياته ما أراد استمراره لها من حالٍ جماعية وكرامة وعزّة وأُنفة، فكازاخستان تُعتبر واحدةً من أوائل دول العالم في احترامها لحقوق الإنسان، واهتمامها باستثمارات التشغيل ورعاية مواطنيها، بحيث بات كل ذلك ينعكس على الشارع الكازاخي العام، وفي سلوكيات ونفسية الكازاخيين أنفسهم.
العلاقات الأُردنية الكازاخية تتطور بتسارعٍ برغم افتقارها لخط طيران مباشر، وهنالك تفاهم كامل في شتى الحقول بين قيادتي الدولتين، جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس قاسم جومارت توكاييف الذي انخرط سابقاً بالسلك الدبلوماسي، وهو يولي اهتماماً خاصاً للعالم العربي وبضمنه مع الأُردن.
تشتهر كازاخستان بشعب يَهوى ثقافة السياحة والتجوال، وهذا مهم لصناعة السياحة الأُردنية، ومهم كذلك للأُردنيين الذين يتطلعون إلى راحة واستجمام حقيقيين في هذه الدولة، المستقرة والجميلة والمنفتحة والشقيقة لنا في وقائعها وشؤونها وشجونها وتاريخها.