CGTN العربية/
في 28 مايو بالتوقيت المحلي للولايات المتحدة، أكد مسؤولو البيت الأبيض لوسائل الإعلام أن إدارة ترامب الأمريكية لن تنشر التوقعات الاقتصادية خلال تقييم منتصف هذا العام كما تعود أن تفعل في صيف كل عام، وهذا الأمر غير مسبوق. ويرى الرأي العام الأمريكي عموما أن التوقعات الاقتصادية أمر في بالغ الأهمية للأعمال المالية لمختلف المؤسسات الأمريكية. حتى ولو رفضت الحكومة الأمريكية نشرها فلا يمكن إخفاء حقيقة أن الاقتصاد الأمريكي تحت إدارة دونالد ترامب يتدهور بشكل كبير وبوتيرة متسارعة.
في نفس اليوم الذي أصدر فيه البيت الأبيض هذا الخبر، نشرت وزارة التجارة الأمريكية أيضا بيانات تظهر أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بمعدل سنوي قدره 5% في الربع الأول، ويعد أكبر انخفاض على أساس فصلي منذ عام 2009.
جرت العادة أن تجري الحكومة الأمريكية تقييمات لتتوقع اتجاهات الاقتصاد في البلاد في يوليو، ويرجع ذلك منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في عام 1973، ومنذ ذلك الوقت لم يحدث أن أقدم أي رئيس على إلغاء هذه التقييمات أبدا. حيث تقدم الحكومة تقييم منتصف العام لتوقعات الاتجاهات الاقتصادية التي تخص البطالة والتضخم والنمو الاقتصادي مثلا، وقد أصبحت هذه الخطوة تقليدية وثابتة.
البيانات المرتقبة لتوجيه التخصيصات المالية ضرورية للغاية
ينص قانون الولايات المتحدة بوضوح على أن تقدم الحكومة تقييم منتصف العام كل صيف لنشر توقعات حول الأداء الاقتصادي الحالي والمستقبلي للحكومة، بما فيها ” كل التغييرات الكبيرة في إيرادات أو نفقات الميزانية” تجاه الحكومة الفيدرالية. ومع ذلك، فوفقا للبيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية في مطلع مايو فإنه من أبريل إلى يونيو هذا العام، سيتم اقتراض ما مجموعه ثلاثة تريليونات دولار أمريكي كمساعدة للسيطرة على وباء “كوفيد-19”. هذا وارتفع العجز الشهري في أبريل وحده إلى 738 مليار دولار أمريكي. ويشير خبراء الميزانية إلى أنه إذا لم تتمكن الحكومة الأمريكية من تقديم معلومات فعالة بخصوص مستقبل الاقتصاد، فلن تتمكن الإدارات من تنفيذ التخطيط المالي.
وأشار الرأي العام إلى أنه رغم إعلان الحكومة الفيدرالية عن الميزانية الفيدرالية في فبراير من كل عام والمتضمنة أساسا توقعات الاقتصاد السنوي والمستقبلي، إلا أن جائحة “كوفيد-19” التي انتشرت في العالم كانت لها أثر كبير على الاقتصاد، ومن المستحيل الاعتماد على التوقعات التي جرت في فبراير. وقالت كلوديا سام، خبيرة اقتصادية سابقة في اللجنة الاستشارية الاقتصادية بالبيت الأبيض، إن البيئة الاقتصادية الحالية مختلفة تماما عما كانت عليه قبل ستة أشهر، وفي حال عدم استحداث التوقعات الاقتصادية، فلا يمكن إدارة حساب مبلغ الاعتمادات المطلوبة بشكل صحيح.
مخاوف بتدهور الافتصاد ومعيشةالشعب
أشارت وسائل الإعلام إلى أن الظروف الاقتصادية والمعيشية الحالية في الولايات المتحدة لا تطاق بالفعل، وآفاقهما مقلقة.
وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية في 28 مايو الماضي، منذ اندلاع الوباء في مارس، تقدم أكثر من 40 مليون شخص في الولايات المتحدة بطلب للحصول على إعانة البطالة الأولى، وهو ما يمثل ما يقرب من ربع سكان الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت، تجاوز عدد طلبات إعانات البطالة الأولى مليون شخص وذلك لمدة عشرة أسابيع متتالية. ولكن قبل ذلك، لم تسجل الولايات المتحدة على الإطلاق استلام أكثر من مليون طلب لإعانات البطالة في أسبوع واحد.
أشارت العديد من وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة إلى أنه منذ أن أصدر البيت الأبيض الميزانية في مطلع العام، ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة من 3.5% في ذلك الوقت إلى ما يقرب من 15% اليوم. وفي هذه الحالة، رغم أن ترامب أعرب عدة المرات عن ثقته في الانتعاش الاقتصادي، ولكن توقع الاقتصاديون بوول ستريت أن معدل البطالة في الولايات المتحدة قد يبقى أعلى من 10% بحلول عام 2021.
إلغاء نشر التوقعات الاقتصادية لن يحجب الحقيقة
كهدف رئيسي منذ توليه السلطة، كان الاقتصاد ومعيشة الشعب دائما مهمين للغاية لمعدل التأييد لترامب في بلاده. ومع ذلك، أشارت وسائل الإعلام إلى أنه لفترة طويلة، كانت بيانات التوقعات الاقتصادية التي أصدرتها إدارة ترامب كاذبة بشكل واضح. ففي فبراير من هذا العام، كانت التوقعات الاقتصادية التي أعلن عنها ترامب أعلى من الواقع وهدفه يتمثل في إخفاء الحقائق لكسب أصوات الناخبين.X
فيما يتعلق بإلغاء ترامب للتوقعات الاقتصادية والذي يعد أمرا غير مسبوق، يرى مسؤول الميزانية السابق في مجلس الشيوخ الأمريكي، بيل هوغلاند أن الهدف منه هو صرف أنظار الناس على غلاء معدل البطالة هذا العام والعام المقبل. وقال المستشار الاقتصادي السابق للبيت الأبيض، جاريد بيرنشتاين إنه حتى تكون حكومة الولايات المتحدة ناجعة في إدارتها للاقتصاد الوطني يتوجب عليها إصدار تقارير لتوقعات موثوق بها، وإن الخيار بتجاهل المشكلة، فلن يحل المشكلة أبدا.