CGTN العربية/
حسب إحصاءات جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، حتى صباح يوم الاثنين بتوقيت بكين، تجاوز العدد الإجمالي للإصابات في الولايات المتحدة 3.29 مليون حالة، فيما تجاوز إجمالي عدد الوفيات 135 ألف حالة، ولا تزال الولايات المتحدة الدولة التي تواجه أخطر وضع لمكافحة الوباء في العالم. البيانات مستمرة الارتفاع الجنوني للوباء تظهر أن الولايات المتحدة تتورط في مستنقع وباء “كوفيد-19” أكثر فأكثر.
من المفترض أن تكون الحرب ضد فيروس كورونا الجديد حربا وبائية يقودها العلم، لكن “العلم” أصبح ضعيفا في الولايات المتحدة كما لم يحدث من قبل. فليس من باب الصدفة أن يخرج الوباء عن السيطرة في حالة تجاهل بعض السياسيين الأمريكيين خطورة الوباء و تسرعوا في استئناف العمل والإنتاج والدراسة مصرين على هذه الممارسة المعادية للعلم.
ارتداء الكمامات أم لا؟
شوهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يرتدي كمامة سوداء اللون أثناء زيارته لمركز والتر ريد الطبي العسكري الوطني في بيثيسدا بولاية ماريلاند يوم السبت، كما ويفعل المرافقون له. ومع ذلك، بعد اندلاع جائحة كورونا في الولايات المتحدة، ظل ترامب يرفض ارتداء الكمامة في المناسبات العامة.
من كان يتخيل أن الإجراء العلمي البسيط والفعال للوقاية من الوباء مثل ارتداء كمامة مر عبر طريق طويل وصعب في الولايات المتحدة. ونشرت شبكة “سي إن إن” مقالة أشارت إلى أن وباء كورونا الذي استمر لعدة أشهر، هو أخطر أزمة محلية تواجهها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، لكن لا يزال الناس يتجادلون حول ما إذا كان يجب عليهم ارتداء كمامات أم لا.
السياسة الفوضوية للكمامة هي أحد الأسباب المهمة لتفاقم وضع الوباء في الولايات المتحدة، وهي منمنمة حية لمكافحة الولايات المتحدة للوباء. قبل ذلك، لم تقترح الحكومة الأمريكية ومجالها الطبي ارتداء الكمامات، وأدلت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكية، تصريحات حتى مطلع أبريل، أنها تقترح على الشعب الأمريكي ارتداء الكمامات. إن الكلام عن عدم الحاجة لارتداء كمامة لمكافحة انتشار الفيروس، مجرد ذريعة للتغطية على نقص الإمدادات الطبية للعاملين الطبيين الأمريكيين. في جلسة استماع عقدت في 23 يونيو، اعترف أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الإدارة الأمريكية، بذلك شخصيا. الكمامات كافية في الولايات المتحدة في الوقت الراهن، لذا فإن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكية تقدم اقتراحا بشأن ارتداء الكمامات.
ومع ذلك، لا يزال البيت الأبيض يرفض إجبار جميع الأمريكيين على ارتداء الكمامات في الأماكن العامة أثناء تفشي الوباء. طلبت أكثر من 20 ولاية من مواطنيها ارتداء كمامة في الأماكن العامة بالولايات المتحدة، لكن الولايات المتضررة بشدة مثل أريزونا وفلوريدا لم تصدر أوامر مثل هذه.
إعادة تشغيل الاقتصاد أو تعليقه؟
بمناسبة عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يطمح بعض السياسيين الأمريكيين إلى تحقيق هدف النمو الاقتصادي بشكل مستعجل، الأمر الذي أدى إلى تفشي الوباء.
تحت الضغط على الانتخابات والتوظيف، طلب البيت الأبيض من كل ولاية استئناف العمل والإنتاج في أقرب وقت ممكن. منذ مايو الجاري، قامت ولايات مختلفة بـ”رفع حظر” على التوالي، واستأنفت العديد من المناطق تشغيل عملياتها في المولات التجارية والصالات الرياضية وغيرها من الأماكن الأخرى. يعتقد ستانلي بيرلمان، أستاذ علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة في جامعة آيوا، أن إعادة تشغيل عملية الاقتصاد في العديد من أنحاء البلاد سريع جدا، والعديد من المناطق لم تكن مستعدة لاستئناف العمل ولم تتبع تدابير الوقاية من الوباء والسيطرة عليه والحجر الصحي، الذي يكون واحدا من الأسباب الرئيسية لتفاقم الوباء في الولايات المتحدة.
اعترف عمدة مدينة ميامي فرانسيس سواريز لوسائل الإعلام: “ليس هناك شك في أنه بعد إعادة تشغيل الاقتصاد، قام الناس بالتواصل الاجتماعي كأن الفيروس لم يعد موجودا.” في ولاية “صن شاين” الأمريكية، حاكمون جمهوريون يتابعون خطوة البيت الأبيض بشكل وثيق لإعادة تشغيل الاقتصاد بسرعة، نظنا منهم أن ذلك سيساعد ترامب في النجاح بالانتخابات، لكن الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عدد حالات الإصابات ودخول المستشفى بسرعة.
إن إعادة تشغيل الاقتصاد عملية معقدة وصعبة بشكل تدريجي، ولكن في ظل الوضع السياسي الأمريكي في الوقت الراهن، يركز السياسيون على الانتخابات الرئاسية في نهاية العام. إن هدفا نهائيا لسياسة استئناف العمل والإنتاج هو خدمة الانتخابات، بدلا من استمرارية واستقرار إعادة تشغيل الاقتصاد. حيث إن إعادة تشغيل الاقتصاد الأمريكي صار مقامرة سياسية.
البيانات للوباء مرتفعة باستمرار، فمن سيتدارك الخطأ؟
من يجب أن يتحمل المسؤولية عن تطور الوباء الأمريكي إلى هذا الحد؟
كما قالت شبكة “سي إن إن”، فإن الحكومة الفيدرالية مليئة بالأوهام، وظلت تظن بأن أعمال الولايات المتحدة لمكافحة الوباء تسبق العالم، لكن المسؤولين متناقضون وغامضون ومرتبكون فيما بينهم، وكان ينبغي عليهم أن يشيروا إلى اتجاه الولايات المتحدة للخروج من الوباء.
إن إهمال الحكومة الأمريكية بالتفكير وسلوكها السخيف وإلقاء اللوم على الآخرين بشكل رديء والتنصل من مسؤوليتها… كل ذلك جعل “نقطة التحول” للوباء الأمريكي صعبة، وأدت الأداءات المختلفة منها إلى تخييب آمال الشعب الأمريكي. يمكن القول إن هذا الوباء محك، فإن “المدينة الواقعة على قمة الجبال” التي ظلت تمجد نفسها، فقدت هيبتها تماما.