«أصبح العمل الاجتماعى التطوعى، اليوم، من أهم السبل فى النهوض بالمجتمعات، فالحكومات فى الدول، سواء المتقدمة أو النامية لم تعد قادرة على تلبية احتياجات أفرادها والمجتمع ككل، مما فرض أشكالًا جديدة تسهم فى دعم الحكومة لاستكمال ما تقوم به لتلبية الاحتياجات الاجتماعية لأفراد مجتمعها، لذا لم يعد العمل التطوعى مقتصرًا على مجال مساعدة الفقراء والمساكين، وإنما يقوم بدور أساسى فى تنمية هذه المجتمعات والارتقاء بها، وأصبح العمل التطوعى ضرورة من ضرورات الحياة لما له من رسالة اجتماعية هدفها المشاركة فى البناء والتنمية»، هذا ما جاء فيما كتبه الدكتور أحمد الشناوى بمجلة كلية التربية بجامعة الأزهر العدد «١٦٥ الجزء الرابع» أكتوبر ٢٠١٥.
وتحت عنوان «دور المرأة فى نشر ثقافة العمل التطوعى» كانت الندوة التى شاركت فيها بقصر ثقافة عين حلوان بدعوة كريمة من الأستاذة عبير سعد، مديرة إدارة البحوث النسائية بالإدارة العامة لثقافة المرأة، برئاسة الأستاذة صبرية محمود بالهيئة العامة لقصور الثقافة وكان ذلك يوم الثلاثاء ٢٥ أغسطس٢٠٢٠.
ومع اتخاذ كل الإجراءات الوقائية الخاصة بمواجهة فيروس كورونا من لبس الكمامات وتطهير المكان والتباعد لمسافة تقترب من مترين بين الحضور قابلتنا الأستاذة إيمان أحمد، مديرة القصر وهى كما عرفت فنانة تشكيلية، وأسعدنى ذلك بالطبع، لأن وجود مدير مبدع وممارس لأحد أشكال الفنون فى بيوت وقصور الثقافة وفى الهيئات الثقافية والفنية المختلفة يساعد على الاهتمام بملء المكان بالأنشطة الثقافية والفنية التى تُنمِّى مواهب الكبار والصغار بجانب أداء دوره الإدارى بمساعدة الإداريين فى المكان.
وفى بداية الندوة سألت سؤالًا للحاضرات من السيدات والفتيات: ما هو العمل التطوعى؟ وكانت الإجابة المتوقعة وهى «العمل الخيرى»، والذى يعتمد على التبرعات، وضربت إحدى الفتيات مثلًا، وهو أنه بعد انتشار وتفشى فيروس كورونا قامت الجمعيات الأهلية بجمع التبرعات وبدأت بمساعدة من فقدوا عملهم من العمالة غير المنتظمة مع توصيل الغذاء لهم بجانب المساهمة فى شراء وتوصيل الأدوية، خاصة من كبار السن.
ومن الجدير بالذكر أن جميع الأديان تحض على العمل الخيرى والتعاون والتكاتف فى أوقات الشدة من كوارث طبيعية كالحرائق والزلازل والأوبئة.
وكان من الطبيعى أن تتناول الندوة الكلام عن تعريف ماهية العمل التطوعى وأهميته، وما هى التحديات التى قد تواجهه، بجانب أهمية نشر ثقافة العمل التطوعى منذ الصغر فى رياض الأطفال والمدارس والجامعات وهذا ما سنتناوله فى السطور التالية.
ثقافة التطوع هى منظومة القيم والمبادئ والأخلاقيات والمعايير والرموز والممارسات التى تحض على المبادرة بعمل الخير، الذى يتعدى نفعه إلى الغير إما بدرء مفسدة أو بجلب منفعة تطوعًا من غير إلزام ودون إكراه، وهو عكس الواجب أوالإلزام، ولذلك هناك فرق بين العمل التطوعى والعمل غير التطوعى، وأيضًا هناك فرق بين «القطاع الخيرى» غير الهادف للربح «والقطاع الحكومى وقطاع الأعمال» الربحى. كما أن هناك فرقًا بين المنظمات الحكومية والمنظمات غير الربحية أو الأهلية.
ووفقًا لدراسة منشورة فى المجلة التى أشرت إليها أعلاه قامت بها جامعة بنى سويف استهدفت الدراسة وضع استراتيجية لتفعيل العمل التطوعى والقيمة المضافة التى يحققها بالجامعات، توصلت الدراسة إلى مجموعة آليات لتفعيل العمل التطوعى بالجامعات ومنها:
– آليات التوعية والإعلان لنشر ثقافة التطوع على المواقع الإلكترونية.
– آليات تعليمية وتثقيفية وتضمنت تقديم برامج لمحو الأمية وتعليم الكبار.
– آليات صحية وبيئية وتضمنت عمل نشرات خاصة بالأمراض المزمنة والتوعية بالحفاظ على البيئة.
– آليات مساعدات اجتماعية وعمل خيرى تضمنت تقديم المنح والمساعدات المادية للفقراء.
– آليات اقتصادية وتضمنت توفير فرص عمل للشباب للقضاء على البطالة والتدريب والتأهيل لسوق العمل.
– آليات للمرأة والطفل وتتضمنت تسويق المنتجات التى تقوم المرأة بإنتاجها وحماية الأطفال من سوء المعاملة.
– آليات لذوى الاحتياجات الخاصة والمهمشين.
– آليات للتحفيز تتضمن اعتماد ساعات العمل التطوعى ضمن سنوات الخدمة للموظفين.
يقول الأستاذ الدكتور والخبير التعليمى والتربوى حامد عمار: «تعد الجامعة إحدى أهم المؤسسات التى تسهم فى تكوين المجتمع وبلورة ملامحه فى الحاضر والمستقبل، ووظيفتها لم تعد مقصورة على التعليم أو التدريس فقط، بل أصبحت تمثل فى الوقت الراهن فى ثلاث وظائف مهمة هى التدريس والبحث العلمى وخدمة المجتمع».
وعلى الرغم من أننا فى أشد الحاجة للعمل التطوعى والخيرى «نظرًا للأزمات الاقتصادية التى نتعرض لها فى الفترة الأخيرة نتيجة محنة تفشى فيروس كورونا»، إلا أن هناك تحديات كثيرة تواجه العمل الأهلى فى بلداننا العربية، ومنها مصر، ومن هذه التحديات اختلال تحديد الأولويات مع جمود الخطاب التوعوى لنشر ثقافة التطوع وعدد من القوانين التى تقف حائلة ومقيدة لتأسيس وعمل الجمعيات الأهلية، كما أن الإعلام الذى عليه دور كبير فى نشر ثقافة التطوع بأشكاله المتنوعة يقتصر فقط على التوعية بالعمل الخيرى.
وقبل أن أنهى مقالى أشير إلى أنه قد ذكرت المادة «٦» من ميثاق الأمم المتحدة أنه ينبغى أن يكون هناك تلاحم بين مؤسسات التعليم العالى ومشكلات المجتمع كما يجب أن يعزز التعليم العالى وظائفه المتعلقة بخدمة المجتمع.
لقد اتسعت مجالات العمل التطوعى واشتملت على العمل الخيرى والعمل الخدمى والعمل التنموى وأصبح للعمل التطوعى دور كبير فى تنمية المجتمع والنهوض به وتقدمه.