تحتل الجبال في مقاطعة جيانغشي بشرقي الصين مكانة خاصة في تاريخ البلاد، باعتبارها مهد “الجيش الأحمر” ونقطة انطلاق المسيرة الطويلة خلال الحرب الثورية الصينية التي جلبت الحزب الشيوعي الصيني إلى السلطة.
كانت التضاريس الجبلية في المقاطعة مثالية للقوى الثورية في زمن الحرب، ولكنها أثبتت خلال السنوات التي تلتها أنها عائق أمام التنمية. وكانت جهود التخفيف من حدة الفقر التي حققت نتائج جيدة للمواطنين في أجزاء أخرى للصين تتقدم بشكل أبطأ في المقاطعة، مما جعل 25 من محافظاتها لا تزال تكافح الفقر في عام 2011.
وخلال العقد الماضي، وبعد زيارتين قام بهما الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال عامي 2016 و2019، حققت المقاطعة نجاحا ملحوظا في تعزيز التنمية عالية الجودة التي اجتذبت استثمارات ضخمة وخلقت صناعات جديدة وعززت الإنتاج الزراعي في المنطقة.
وقضت المقاطعة على الفقر بحلول عام 2020 بهدف تحقيق المزيد من التقدم والازدهار لمواطنيها. وخلال زيارتيه للمقاطعة، قال شي للمواطنين والمسؤولين إنه ينبغي تعزيز الروح الثورية وأن تتصدر مكافحة الفقر جدول أعمالهم.
وخلال العقد الماضي، استثمرت الحكومة المركزية والمحلية 900 مليار يوان (129 مليار دولار أمريكي) في المقاطعة لتحديث القواعد الثورية القديمة، وتجديد 1.05 مليون منزل ريفي قديم، وتوفير مياه الشرب النظيفة لـ13 مليون من السكان الريفيين، وتحسين 63 ألف كيلومتر من الطرق الريفية، وإرسال أكثر من 300 ألف مسؤول لمساعدة الأسر الفقيرة على تحسين معيشتهم.
وتعد مدينة جينغقانغشان التي أطلق عليها لقب “مهد الثورة الصينية”، المكان الذي تأسس فيه “الجيش الأحمر” الصيني في عام 1927. ولا عجب أنها أخذت زمام المبادرة في مكافحة الفقر، وتم إزالتها من قائمة المحافظات الفقيرة في عام 2017.
وبحلول عام 2020، تم انتشال 2.81 مليون شخص في المقاطعة من براثن الفقر، وتملك جميع الأسر في القرى الفقيرة السابقة ممتلكاتها الخاصة ودخلها المستقر.
وقال هوا شوي لين، أحد القرويين المحليين “كنا نعيش في منزل من الطين، ولكننا انتقلنا إلى منزل متعدد الطوابق. ولم يكن لدينا أي مدخرات في ذلك الوقت، ولكن يمكننا الآن كسب 60 أو 70 ألف يوان (8600 – 10000 دولار أمريكي) سنويا. وفاقت حياتنا الآن مستوى أحلامنا”.
بدلا من الاعتماد على أمجادها بعد هذه التحولات الملحوظة، كثفت مقاطعة جيانغشي جهودها في تعزيز النهضة الريفية.
ودعمت الحكومة المواطنين في تنمية الصناعات المميزة وإدخال التقنيات الزراعية الحديثة وتعزيز السياحة الريفية. وبلغ إجمالي قيمة إنتاج صناعة معالجة المنتجات الزراعية بالمقاطعة 735.5 مليار يوان (105 مليارات دولار أمريكي)، مع 26 شركة مدرجة ضمن أكبر 500 شركة زراعية في الصين.
وتعد التنمية عالية الجودة للتصنيع محركا قويا للنمو السريع للمقاطعة. وخلال جولته التفقدية، أشار الرئيس شي إلى أن المقاطعة يجب أن تركز على الابتكار العلمي والتكنولوجي، وإتقان المزيد من التقنيات الأساسية، والسعي لتحقيق الريادة في التنمية الصناعية. والتزمت المقاطعة بالتنمية عالية الجودة المدعومة بالابتكار.
وخلال السنوات العشر الماضية، تم إنشاء أكثر من 70 مؤسسة كبيرة للبحث والتطوير في المقاطعة، بما فيها المركز الوطني لابتكار مواد الأرض النادرة، بينما يتم تصنيع ربع أجسام الطائرات الصينية “سي 919” في مدينة نانتشانغ بالمقاطعة.
وفي مصهر للنحاس في محافظة قويشي بالمقاطعة، تم تشغيل أول خط إنتاج غير مأهول في العالم للوح القطبية. وبفضل الابتكارات الرقمية، يمكن إكمال 12 عملية صهر معقدة من خلال خط إنتاج مميكن واحد.
وقال وو جيون، مدير مصهر النحاس “زادت كفاءة الإنتاج بنسبة 30%، مع تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 7%، مما خلق أكثر من 60 مليون يوان (8.6 مليون دولار أمريكي) من الفوائد الاقتصادية للشركة في العام. ونحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث خمسة مؤشرات أساسية”.
بينما كانت مقاطعة جيانغشي تتقدم في التنمية الصناعية والزراعية، أدركت الحاجة إلى التنمية المستدامة وحماية البيئة الطبيعية. وخلال العقد الماضي، تم إحراز تقدم هائل في 35 مشروعا تجريبيا لحماية البيئة الطبيعية، بما فيها الاستعادة البيئية وبناء “مدينة الإسفنج”.
ونما الناتج المحلي الإجمالي للمقاطعة بمتوسط معدل سنوي قدره 8.4% خلال العقد الماضي، واحتلت مرتبة رائدة في الصين من حيث مؤشرات اقتصادية عديدة. وقامت المقاطعة بتنمية 13 قطاعا صناعيا جديدا خلال العقد الماضي، بلغت قيمة كل منها أكثر من 100 مليار يوان (14.3 مليار دولار أمريكي).
واحتل إنتاج الصناعات غير الحديدية بالمقاطعة المرتبة الأولى في الصين، وبلغ إنتاج صناعة المعلومات الإلكترونية بالمقاطعة 668.8 مليار يوان (95.8 مليار دولار أمريكي) خلال العام الماضي، لتحتل المرتبة الأولى في شرقي الصين.
كما أخذت المقاطعة زمام المبادرة في إنشاء أربعة موانئ بحرية مفتوحة وخمس مناطق تجريبية للتجارة الإلكترونية عبر الحدود، والتواصل مع العالم من خلال 180 خطا محليا ودوليا للركاب والشحن.
وكانت البنية التحتية للمواصلات محورا رئيسيا للتنمية، حيث وسعت المقاطعة شبكة الطرق العامة من 150 ألف كيلومتر في عام 2012 إلى 211 ألف كيلومتر خلال العام الماضي، وأنشأت 2000 كيلومتر من الخطوط الجديدة للسكك الحديدية فائقة السرعة.
وقال لي قوانغ دونغ، نائب مدير لجنة التنمية والإصلاح بالمقاطعة “سنركز جهودنا على تنمية الاقتصاد الرقمي وتحسين بيئة الأعمال وتحسين البيئة الطبيعية وتسريع التنمية عالية الجودة”.