شهدت شانغهاي، المركز المالي الصيني في شرق دلتا نهر اليانغتسي، تقدما ملحوظا في التنمية الاقتصادية، وتمضي قدما في رحلة جديدة لجعل نفسها مدينة حديثة ذات تأثير دولي.
زار الرئيس الصيني شي جين بينغ شانغهاي خمس مرات في السنوات العشر الماضية، وقاد مسار الإصلاح والانفتاح للمدينة. وخلال جولاته التفقدية، شدد شي على أهمية دور الابتكار العلمي والتكنولوجي والصناعات المتقدمة في دفع عجلة التنمية، ووظائف شانغهاي المتمثلة في تخصيص الموارد العالمية والعمل كبوابة لانفتاح البلاد.
وأصبحت شانغهاي رائدة في جهود الصين للإصلاح والابتكار، مما أدى إلى تسريع بناء نظام اقتصادي حديث وتعزيز قدرته التنافسية الأساسية لضخ زخم جديد في حملة البلاد نحو التنمية عالية الجودة. وتعمل المدينة على تخصيص الموارد العالمية لرأس المال والمعلومات والتقنيات والمواهب والبضائع.
وكأول معرض استيراد في العالم، دخل معرض الصين الدولي للاستيراد سنته الخامسة. وشهدت الدورة الرابعة للمعرض التي أقيمت في نوفمبر الماضي، مشاركة أكثر من 280 من شركات “فورتشن غلوبال 500” والشركات الرائدة، حيث كانت مساحة المعرض غير مسبوقة بنحو 360 ألف متر مربع.
وكانت بالمدينة أكثر من 1700 مؤسسة مالية مرخصة بنهاية العام الماضي، ويتجاوز حجم التداول في السوق المالية 2500 تريليون يوان (361 تريليون دولار أمريكي) في العام الماضي. وبلغ استخدام المدينة لليوان الصيني عبر الحدود 17.98 تريليون يوان (2.59 تريليون دولار) في العام الماضي، لتحتل المرتبة الأولى للبلاد.
وأصبحت شانغهاي موطنا للمقر الإقليمي لـ848 شركة متعددة الجنسيات و512 مركزا للبحث والتطوير بتمويل أجنبي، أو أكثر من ضعف ما كان عليه قبل عقد من الزمن.
وقال وانغ دونغ، مدير مركز خدمات ترويج الاستثمار بشانغهاي “نسعى إلى تحقيق اختراقات في القطاعات المتطورة مثل التمويل عبر الحدود والشحن المتقدم وفتح البيانات وغيرها، وتحسين قدرتنا على دمج سلاسل الصناعة والتوريد العالمية، لجعل شانغهاي مدينة دولية حديثة”.
تلعب مدينة تشانغجيانغ للعلوم في منطقة بودونغ الجديدة بشانغهاي دورا مهما في بناء المدينة لتصبح مركزا عالميا للابتكار العلمي والتكنولوجي. وتعد مسقط رأس أول طائرة ركاب كبيرة للصين “سي 919″، وأول قمر صناعي للاتصالات الكمومية في العالم، ونماذج الكومبيوتر الكمومية العديدة.
وتوجد في مدينة العلوم 14 مرفقا رئيسيا للبنية التحتية العلمية قيد الإنشاء أو قيد الاستخدام، ويتم ترخيص أكثر من 35 ألف براءة اختراع كل سنة.
وقالت شي تونغ، باحثة من مركز تنمية التقنيات الطبية الحيوية بشانغهاي “جمعت مدينة العلوم أفضل المواهب وموارد الابتكار. ويمكن تسريع تحويل نتائج الأبحاث الأساسية إلى إنجازات ملموسة”.
وخلال السنوات العشر الماضية، شكلت شانغهاي نظاما صناعيا جديدا بقيادة صناعات الدوائر المتكاملة والطب الحيوي والذكاء الاصطناعي، بدعم صناعات المعلومات الإلكترونية والرعاية الصحية والسيارات والأجهزة والمواد المتطورة والمنتجات الاستهلاكية.
وفي العام الماضي، تجاوزت القيمة المضافة للإنتاج الصناعي لشانغهاي تريليون يوان (144 مليار دولار أمريكي) لأول مرة في التاريخ. وتلعب المدينة دورا بارزا في انفتاح البلاد على العالم الخارجي. وتعمل 59 شركة طيران أجنبية و10 شركات محلية في مجال الشحن الدولي في مطار بودونغ الدولي، ما يمثل أكثر من 40% من إجمالي حجم الاستيراد والتصدير للمطارات المحلية.
ويبلغ الحد الأقصى للإنتاجية اليومية لميناء شانغهاي أكثر من 140 ألف حاوية، ويحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث الإنتاجية السنوية.
كما أصدر الرئيس شي توجيهات بشأن الإدارة الحضرية في شانغهاي، مشددا على المشاكل التي تهم الناس أكثر من غيرها، ودعا إلى بذل جهود متواصلة لتحسين معيشة المواطنين.
وكان تشن تسي مينغ البالغ من العمر 70 سنة يعيش في شارع هونغتشن القديم، أكبر منطقة مكتظة بالسكان بوسط المدينة، ويعاني من ظروف معيشية سيئة للغاية. وبفضل مشروع للتجديد، انتقلت عائلته إلى منزل كبير مع ثلاث غرف نوم في مجمع سكني جديد مع حديقة.
وقال تشن “لم يكن هناك سوى سرير وجهاز تلفزيون وأريكة في الغرفة الوحيدة. ومع تحسن الظروف المعيشية الآن، يمكننا أن نعيش حياة أكثر سعادة”.
في يوليو الماضي، أكملت شانغهاي تجديد المباني السكنية القديمة بوسط المدينة في مشروع مدته 30 سنة واستفاد منه أكثر من 150 ألف أسرة. ويأتي تحسن الظروف المعيشية ببيئة حضرية أفضل. ويوفر ممر بيئي يمتد عشرات الكيلومترات على طول نهر هوانغبو أماكن ترفيهية عالية الجودة للمواطنين.
وقالت دنغ شين شنغ، إحدى السكان المحليين “شهدت المدينة تحولات ضخمة. وآتي إلى الممر البيئي كل صباح، حيث يمكنني التجول والاستمتاع بالنهر الصافي دون الروائح الكريهة والأشجار والمباني القديمة. ويمكننا الاستمتاع بمناظر جميلة وحياة أفضل”.
تخطط شانغهاي لزيادة عدد الحدائق في المدينة إلى أكثر من 1000 بحلول عام 2025، كجزء من طموحات التنمية الخضراء للمدينة. وبفضل الجهود المشتركة للسلطات المحلية والسكان، أصبحت شانغهاي في طريقها لبناء مدينة حديثة ذات تأثير عالمي.