شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
اجنادين نيوز/
طريق الحرير ..ماضي العراق الاقتصادي المشرق مع جمهورية الصين الشعبية
الجزء السادس
بقلم: باسم حسين غلب
كاتب وصحفي عراقي
في الجزء الخامس، من سلسة مقالاتنا التي نتناول فيها طريق الحرير ، أشرنا إلى نقطة مهمة جداً في موضوع التنافس التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وجمهورية الصين الشعبية من جهة أخرى، وقد بينا في ذلك المقال ، مدى خطورة التصعيد السياسي بين الجانبين ، واحتمالية أن يؤدي ذلك التصعيد إلى مواجهة عسكرية، خاصة مع حدوث أكثر من احتكاك بين القوتين العسكريتين (الأمريكية والصينية).
تطرقنا ايضاً إلى فرضية حدوث صراع عسكري عبر بوابة افغانستان، بعد أن سلمت أميركا البلاد والعباد إلى حركة طالبان المعروفة بالتطرف والدموية.
في هذا المقال، نحاول أن قراءة ما جرى الحديث عنه (دبلوماسياً)، قبل أن نخوض في مسألة التصعيد العسكري بين البلدين . يقول وزير الخارجية الأمريكية الأسبق (هنري كيسنجر)” ” ان النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن يتحول إلى حرب فعلية بين البلدين العملاقين، الواقعين على المحيط الهادي” (1)
تصريح (ثعلب) السياسة الأمريكية، قراء مستقبلية، للعلاقات الصينية الأمريكية التي امتازت على مدى سنوات بالتوتر، والتصعيد.
بالعودة إلى المقال السابق ( الجزء الرابع)، عندما أشرنا فيه إلى احتمالية استعانة الولايات المتحدة الأمريكية بطرف (ثالث)، إن صح التعبير للقيام بمهمة الحرب ضد الصين، وهو ما يطلق عليه تسمية (الحرب بالنيابة)، على أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية ، داعمة ولو بصورة غير معلنه لحركة طالبان كي نفهم ما حدث في افغانستان، علينا أولاً نعرف ما الذي جرى في ليلة الانسحاب، وماهي ردة فعل الحكومة والجيش الأفغاني. الذي حدث بالضبط، إنه وتحت الظلام
” وفي الهزيع الأخير من الليل وفي غضون 20 دقيقة غادر الأمريكيون قاعدة باغرام بعد 20 عاماً من الحرب، وذلك في الأول من تموز / يوليو ، من دون إبلاغ السلطات الأفغانية، في لحظة انسحاب سرية اقرب إلى الفرار. وبعد أكثر من ساعتين استفاقة القوات الأفغانية على ذلك” (2)
سيناريو الانسحاب وما تلاه من وضع فوضوي ، ومشاهد مؤسفة تعرض لها الشعب الأفغاني، يتذكرها الجميع، إلا أن المفاجئ وغير المتوقع من الكثيرين (زعماء وشعوب) العالم، الوجه الجديد للحركة. كانت البداية ناجحة إلى أبعد الحدود.
عناصر طالبان وقيادات طالبان، مثلت مشاهد البراءة والسلام والحرية والعيش المشترك، لجميع الأفغانيين، اسلوب جديد، بل مسرحية جديدة، حاولت من خلالها (طالبان)،إيهام الرأي العام العالمي. لكن بعد مضي ايام، تبخرت تلك الصورة المزيفة لتحل محلها الصورة الحقيقية لدموية تلك الجماعات الإرهابية، عندما تعرضت دور العبادة للطائفة (الشيعية)، لهجمات أودت بحياة العشرات من الأبرياء، بين قتيل وجريح.
لكن لماذا ظهرت أو حاولت طالبان الظهور، بصورة مغايرة لتلك التي ظهرت فيها عند بداية تشكيلها كحركة متطرفة ؟ يبدو إن ” استمرارية عوامل وأسباب المتغير الدولي في الجوانب الجيوسياسية فلا توجد هناك صدفة في عالم السياسة، والأبعاد الإستراتيجية المخطط لها من قبل الدول الإمبريالية” (3)
إذا الولايات المتحدة هي من رسمت الصورة الجديدة ، غير المتوقعه لطالبان، لا على المستوى الداخلي، ولا حتى على المستوى العالمي.
المرجح، إن السياسة الجدية لحركة طالبان، جاءت لتمويه ما ستقوم به تلك الحركة من دور خطير على المستوى الدولي. ومن هنا يمكن القول، إن سقوط حكومة افغانستان، إنما هو سيناريو ” معد سلفاً ومخطط له بالاتفاق مع دول بعض الدول الساندة بالدعم المالي وبدراسات مستفيضة من مؤسسات القوى السياسية الخارجية الأمريكية للمواجهات القادمة بأسلوب أكثر فعالية من الفوضى الخلاقة وحرب النيابة والضربات الخاطفة أو الحروب الاستنزافية الطويلة الأمد، فتسليم واستلام السلطة في افغانستان بطريقة الصدمة بأكبر مساحة تعبويه وبأحدث معركة فريدة من نوعها وبلا قتال رغم أنها جبهة معارك وهناك جيش نظامي افغاني يمتلك من المقومات التعبئة لاستدامة معارك وليس معركة خاطفة” (4)
واضح من خلال تتبع اصول الحركات الإرهابية وتمويلها ، بدءا من القاعدة وطالبان وداعش، جميعها بأموال وفتاوى رجال دين متطرفين .هذا ليس اتهام وانما هناك حقائق ووثائق ، تشير بالدليل القاطع إلى أن مصدر تمويل الإرهاب (مادياً وبشرياً، وعقائدياً) من بعض الدول .
بالعودة إلى ما حدث في افغانستان، نستطيع القول:
” ان الحديث عن تغيير نظام بمعركة لم تحدث اصلاً، ضرباً من الخيال ومع ذلك هناك انتقادات وردود افعال داخل امريكا وهذا الوعي الجماهيري الذي تعول عليه الحكومات الديمقراطية وحساباتها الانتخابية، لكن من الناحية العسكرية، هناك اسلوب آخر اتبعته امريكا يحدث على الأرض، فالمصالح الأمريكية الدولية التي تتغذى الأموال من بعض الدول تنامت لعقد اتفاقات بديلة من المعارك واتباع سياسة اخرى لمواجهة خصمها الصين وقطع طريق الحرير المزمع انجازه لربط الشرق بالغرب بواسطة طالبان، وإن قطع الطريق عليه في الأراضي الأفغانية الواسعة التي يمر من خلالها(5) .
من خلال ما تقدم ، يتضح لنا ابعاد الخطوة الأمريكية في افغانستان، والدور القادم الذي يمكن ان تقوم به عناصر حركة طالبان والمتمثل بـ (قطع طريق الحرير). إذا الصورة تبدو واضحة ، والهدف ايضاً واضح المعالم، والرأي العام العالمي، بل وحتى الداخل الأمريكي، غير راضٍ عما حصل من مسرحية عسكرية، وهذا ما قلنا عنه و وصفناه بـ (الوعي الجماهيري).
نحن لا نريد ان نسبق الأحداث، لكن هناك حقائق لا يمكن نكرانها أو التغاضي عنها، وهي :
أولاً : إن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في طريق الحرير الحديث خطر يهدد مستقبلها الاقتصادي
ثانيا : حصول الصين على أي موطئ قدم لها (اقتصادياً) في منطقة الخليج العربي وتحديداً في العراق، وهذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه في مقالاتنا القادمة، هو بمثابة هزيمة نكراء للولايات المتحدة، التي عبرت اساطيلها البحار والمحيطات، من اجل الهيمنة على دول الخليج بصورة عامة والعراق بصورة خاصة .
ثالثاً : إي فشل في إشغال الصين على الأقل (داخلياً)، أو مع محيطه من دول الجوار الصيني، يعني استمرار التفوق التجاري الصيني على حساب الاقتصاد الأمريكي.
رابعاً : اخضاع الدول التي تقع تحت هيمنة الولايات المتحدة، إلى عقوبات قاسية، تصل إلى مستوى عزل مسؤولين كبار في الدولة، في حال فكرت تلك الدول في تقارب اقتصادي مع جمهورية الصين الشعبية .
قبل اغلاق هذا الملف والانتقال إلى الشأن الداخلي العراقي، وما افرزه مشروع طريق الحرير (الحديث) ، من احداث خطيرة، لابد ان يطرح السؤال التالي:
هل يمكن ان تدفع الولايات المتحدة، حركة طالبان باتجاه المواجهة العسكرية مع الصين، لإفشال مشروع طريق الحرير الحديث واشغال الصين (عسكرياً) ؟ الإجابة على هذا السؤال، يمكن ان تفصح عنها الأيام القادمة.
يتبع.
المصادر :
(1)جريدة الدستور العراقية- العدد 4554 – الثلاثاء / 28/ كانون الثاني / 2020 ص 4 أكثر من رأي
(2)جريدة الزمان – العدد (7024- 7023) – السبت – الأحد / 24 – 25 / تموز / 2021 ص 3 اتجاهات الرأي
(3)جريدة الزمان – العدد (7054) الأحد / 29 / آب / 2021م ص 5 اتجاهات الرأي.
(4)جريدة الزمان – العدد (7054) الأحد / 29 / آب / 2021م ص 5 اتجاهات الرأي.
(5)جريدة الزمان – العدد (7054) الأحد / 29 / آب / 2021م ص 5 اتجاهات الرأي.
*ملاحظة المحرر: تعكس المقالة وجهة نظر الشخصية للكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة.