Sunday 24th November 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

طريق الحرير الصيني…. ماضي العراق الاقتصادي المشرق مع جمهورية الصين الشعبية… الجزء الحادي عشر

منذ 3 سنوات في 23/مارس/2022

شبكة طريق الحرير الإخبارية/

 

بقلم: باسم حسين غلب / باحث وصحفي عراقي

 

على خطى كردستان

في الوقت الذي تعاني محافظات وسط وجنوب العراق، من الخراب والاهمال ، منذ سقوط نظام صدام الدكتاتوري عام 2003 ، حتى يومنا هذا. فإن اقليم كردستان ، يسارع الخطى نحو البناء والاعمار. فعلى ” مدار العقد المنصرم، شهدت مدينة أربيل طفرة نوعية لافتة في مجال التوسع والتطور العمراني، خصوصاً في قطاعات الإسكان ، فضلاً عن تطوير البنى التحتية من طرقات ومرافق حيوية وخدمية وسياحية، وتوفير الظروف الملائمة للاستثمار ، ما شجع الكثير من المستثمرين على العمل في مجال الإسكان والإعمار، وتزايد أعداد السكان في الإقليم من الوافدين والمواليد أدى إلى الطلب المتزايد على الوحدات السكنية ، خصوصاً من قبل الوافدين الأجانب، والاستقرار الأمني والظروف المشجعة للاستثمار دفعت المستثمرين من المحليين والأجانب إلى بناء أبراج ووحدات سكنية بمواصفات مختلفة.”(1).

ان ايجاد بيئة جيدة للمستثمرين، المتمثلة باستحداث القوانين والشعور بالطمأنينة، نتيجة استقرار الوضع الأمني، يشجع المستثمرين، على التوافد للإقليم ، للمساهمة في ايجاد بنى تحتية جيدة ، منها وفي مقدمتها بناء مجمعات سكنية، تساهم في جذب السياح (العرب والاجانب)، من جهة والتخفيف عن كاهل المواطن الفقير الذي يحلم بتوفير سكن ملائم لعائلته. مقابل ذلك ” فإن المشاريع الاستثمارية في بغداد، تحديداً مشاريع السكن يطالها التلاعب، خاصة في ما يتعلق ببيع بالوحدات السكنية وهذا ما حدث في مجمع بسماية التي ادى دخول سماسرة العقارات على الخط إلى ” رفع اسعارها بما يقارب من 40% فوق سعرها الفعلي. الأمر الذي أثقل كاهل المواطنين من المشترين الحقيقيين أصحاب الدخل المحدود والمتوسط ، والذين تأسس المشروع من أجلهم” (2).

رفع الاسعار، من شأنه ان يحد كثيراً من رغبات المواطنين في الاقبال على شراء تلك الوحدات السكنية، وبالتالي فإنها تقلل وبنسبة كبيرة من عمليات الاستثمار في هذا المضمار الحيوي . بعيداً عن بسماية، لكن في مواقع أخرى تكبد المواطنين الذين سكنوا ” منازلهم الجديدة ، التي تعاقدوا عليها مع الشركات الاستثمارية خسائر مادية كبيرة، نتيجة مخالفة الوحدة السكنية لشروط التعاقد المثبتة بين الطرفين، حيث ينفذ أغلب المشاريع بعيداً عن متابعة الأجهزة الرقابية ” (3).

امر طبيعي ان يقع المواطن ضحية الجشع والاستغلال، بسبب عدم تفعيل القوانين وغياب الدور الرقابي الحكومي الذي ، يفترض ان يأخذ دوره ، من اللحظة الأولى، لا ان تكون الإجراءات بعد فوات الأوان .
نبقى في كردستان التي بدأت مشاريعها التطويرية ” بإنشاء طريق الـ 150 متراً و 120 متراً و 100متر، رقع دائرية ، وتوسعت بها مدينة أربيل، وضمت بها قرى كانت منفصلة عنها إدارياً ، والهدف ظاهرياً من هذه الطرق هو التقليل من الزحام، لكن الأمر امتد إلى تشجيع السكن في الأقضية والنواحي التي تمر بها هذه الطرقات، وأسهم هذا الأمر إلى حد كبير في تقليص الزخم السكاني الحاصل في مركز المدينة ، واسهم ايضاً في ايجاد فرص استثمارية عديدة في مجال تعبيد الطرقات وإنشاء مجمعات سكنية متنوعة” (4).
الاهتمام بشبكات الطرق والمواصلات، من خلال تأهيل ما موجود منها واستحداث اخرى، هي خطوة أولى نحو تطوير البنى التحتية ، ليس في كردستان فقط ، إنما في اي مدينة من مدن العالم، تتجه نحو تطوير بناها التحتية. في المقابل. تعاني العاصمة بغداد ” من زحامات خانقة وأسرع الحلول الاقتصادية استحداث طرق حولية وسريعة وجسور ذات طابقين أو اكثر وأنفاق متشعبة” (5).

ليس من المنطق أو الحكمة، بعد تسعة عشر عاماً، على سقوط نظام صدام الدكتاتوري، نأتي اليوم لنطالب، باستحداث طرق أو بناء جسور ، أو انفاق. اين كانت الحكومات المتعاقبة كل هذا الوقت؟
ان اهم الخطوات التي تعزز الثقة مع المستثمر وتدفع به للتقدم خطوة إلى الأمام، يعتمد على اللوائح والقوانين. في اقليم كردستان، اقر البرلمان ” القانون الخاص بالاستثمار في إقليم كردستان رقم 4 لسنة 2006، الذي منح المستثمرين العديد من المغريات، وهو قانون يوصف بصديق المستثمرين ورجال الأعمال، إذ إن القانون يتضمن تسهيلات للمستثمرين في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة، بالإضافة إلى ذلك منحت لهم الامتيازات والاعفاءات، فضلاً عن تخصيص قطع أراضٍ عن طريق الايجار طويل الأمد بسعر تشجيعي، وتوفير الخدمات العامة لحدود المشروع،” ” ايضاً ” يعفى المستثمر من ضريبة الدخل لمدة 10 سنوات، بالإضافة إلى الرسوم الجمركَية لمدة 5 سنوات” (6).

هذه الخطوات من شأنها، تشجيع المستثمرين على الدفع باتجاه العمل هناك، وفقاً لما يضمن حقوقهم ، لهذا فإن ” حجم الأموال المستثمرة منذ عام 2006 وإلى الآن بلغ المجموع الكلي منها ما يقارب 35 ملياراً ، في حين وصل الاستثمار الوطني من المجموع الكلي إلى مايقارب 29 ملياراً ، أما الأجنبي من المجموع الكلي فوصل إلى مايقارب الخمسة مليارات” (7).
أما بغداد فخطواتها ، على ما يبدو بطيئة جداً . إذ يتطلب منها توفير” ارضية خصبة تشجع على الاستثمار وتكون عامل جلب للمستثمرين” (8). وبحسب مختصين، فإن أهم العناصر التي يحتاجها الاستثمار، لكي يكون ناجحاً ” تشكيل محاكم مختصة، لأن تأخير حسم الدعاوى الخاصة بالمستثمرين يكلف الطرفين خسائر كبيرة، اضافة إلى ان الاستقرار الأمني والسياسي عامل مهم في الاستثمار، إضافة إلى توفير طرق مواصلات واتصالات حديثة تشجع المستثمرين إلى القدوم إلى العراق وتنفيذهم مشاريعهم الاستثمارية” (9).
ايضاً ، السبب أو العامل الآخر في عدم جذب الاستثمار في العراق ، عدم وجود مبادرة ” استحداث قانون لصندوق خاص بالتنمية العقارية” (10).

ايضاً فإن قانون الصندوق خاص بالتنمية العقارية ” يفترض ألا يقتصر نشاطه على الدعم المالي، وإنما ايضاً تشجيع التصاميم الحديثة للوحدات السكنية التي سوف يتم إنشاؤها في المستقبل، حتى تواكب العصر وتستوفي أفضل المواصفات . فالموظفون والعاملون في العراق، يحتاجون إلى مساكن مختلفة، عن تلك التي فرضت عليهم” (11).
بالعودة إلى قضايا الفساد المالي المستشري في العراق، الذي تحدثنا عنه فيما سبق. نود هنا ان نتوقف وقفة اخيرة تتعلق بهذا الموضوع (الفساد). فقد كشف مصدر مسؤول، إنه ومنذ ” عام 2003 يوجد ستة آلاف مشروع وهمي بالعراق، مبيناً ان 30% منها برعاية امريكية . المصدر قال: ان عدد المشاريع الوهمية في العراق منذ عام 2003 (عقب الدخول الأمريكي – البريطاني)، وحتى عام (2019) ، زاد عن 6 آلاف مشروع ، مبيناً أن المبالغ التي تكبدها العراق بسبب ذلك تبلغ قرابة 200 تريليون دينار عراقي (أي نحو 178 مليار دولار)، خلال الستة عشر عاماً الماضية. وان 30% من المشاريع الوهمية تمت برعاية الأمريكيين، وهناك ضباط وحلقات امريكية مختلفة تتورط معها” (12) .

ايضاً فإن هناك ” 70% من هذه المشاريع تمت في زمن الحكومات المتعاقبة، بعد رحيل الأميركيين . من بين هذه المشاريع مجمعات سكنية وسياحية واخرى خدمية وضع حجر الأساس لها لكنها انتهت إلى المجهول ولم تر النور (13).
المشكلة العراقية الأخرى التي تواجه الاعمار والتطوير في مختلف المجالات ، تكمن في ” هجرة الكفاءات الصناعة” فبحسب المتابعين والمهتمين للشأن الاقتصادي العراقي، يرون ان الساحة الاقتصادية العراقية، تشهد ” ظهور عوامل منفردات داخلية للقطاع الانتاجي الصناعي، تقابلها مغريات خارجية لسحب كبار الصناعيين العراقيين وجذبهم ودعمهم، وتشجيعهم على نقل نشاطاتهم وخبراتهم الصناعية إلى عدد من دول المحيط الاقليمي للإفادة منها لتطوير اقتصادها. ” (14) .

كما يرى متخصصون في الشأن نفسه ” أن هناك حالات يؤسف لها من تعرض القطاع الصناعي الخاص لسلسلة متوالية من المنغصات المزعجة تتمثل بعدم الجدية في الحد من الاستيراد ودعم الانتاج المحلي ، مقابل تلقي الصناعيين العراقيين عروضاً مغرية تحثهم على مغادرة العراق والتوجه نحو المدن الصناعية الخليجية التي تبدي الاستعداد لاحتضانهم ورعايتهم وتقديم جملة من التسهيلات لترغيبهم في العمل هناك (15).

من هنا ندرك ، خطورة التوجهات الاقليمية (الخليجية) على الاقتصاد العراقي. ومن هنا نفهم الاسباب الحقيقية وراء تعثر بناء الفاو الكبير . من هذه النقطة، نستشعر الخطر على مستقبل العراق الاقتصادي المتمثل بطريق الحرير الجديد ، الذي تسعى دول اقليمية ودولية إلى عزل واستبعاد العراق عن هذا المشروع العالمي العملاق. في المقابل انتهزت كردستان الفرصة، وتحركت بجد وعلى عجالة، باتجاه طريق الحرير من خلال الربط السككي مع ايران، يمتد من السليمانية إلى زاخو مرورا بكركوك ، بالاتفاق مع احدى الشركات الالمانية ، بتكلفة تبلغ مليار دولار ، بقرض سيادي من البنك الدولي ، يلتزم المركز بتسديده. بغداد عليها ان لا تضيع الفرصة التاريخية ، وان تسارع الخطى نحو اعادة تفعيل الاتفاقية مع الصين ، قبل فوات الأوان .

 

*المصادر:

(1 )جريدة الصباح العراقية الرسمية – العدد (5322) – الخميس / 27 / كانون الثاني / 2022 – ص 9 (ريبورتاج)
(2)جريدة الصباح الجديد – العدد (4826) – الثلاثاء / 25 / كانون الثاني / 2022 – ص1
(3) جريدة الصباح الرسمية – العدد (5278) – الأربعاء / 1 / كانون الأول 2021 – ص 6 ( الاقتصادي)
(4) جريدة الصباح العراقية الرسمية – العدد (5322) – الخميس / 27 / كانون الثاني / 2022 – ص 9 (ريبورتاج)
(5) جريدة الصباح العراقية الرسمية – العدد (5304) – الاربعاء / 5 / كانون الثاني / 2022 – ص 6 (الاقتصادي)
(6)، (7) جريدة الصباح العراقية الرسمية – العدد (5322) – الخميس / 27 / كانون الثاني / 2022 – ص 9 (ريبورتاج)
(8)، (9) جريدة الزوراء – العدد (7050) – الثلاثاء / 16 / تموز / 2019 – ص 1
(10)، (11) جريدة الصباح الرسمية – العدد (5278) – الأربعاء / 1 / كانون الأول 2021 – ص 6 ( الاقتصادي)
(12)، (13) جريدة الدستور – العدد (4472) – الأربعاء / 25 / أيلول / 2019 – ص 3 شؤون محلية.
(14)، (15) جريدة الصباح – العدد (5279) – الخميس / 2 / كانون الأول / 2021 – ص 6 (الاقتصادي).ط

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *