شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
يلينا نيدوغينا*
ليلة يوم الخميس الماضي، 16 نيسان/ أبريل، تحدث الزعيمان (شي جين بينغ) و (فلاديمير بوتين) هاتفياً. نادراً ما تنقل لنا الصحافة الصينية والروسية أحاديث الزعيمين “على الهاتف”، ربما لكونها خاصة وذات صبغة حكومية سرية. فالاتصالات بين الرئيسين قيّمة للغاية، وبالطبع تبحث في عُمق الصّلات بين بلديهما في مختلف المجالات، مما يَستدعي عدم الإعلان عنها كلها.
(شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية) في الجزائر، والتي يترأس هيئة تحريرها الاستاذ عبدالقادر خليل، كشفت عن أن الحديث بين الزعيمين الصيني والروسي كان تمحور حول وباء (كورونا)، وسُبل التصدي للجائحة التي سَبّبُها. ومن الواضح من خلال سياقات الحديث بين القائدين، أنهما بحثا مسائل عديدة، على رأسها بالطبع نجاعة التصدي للفيروس، وآليات مكافحته، لا سيّما وأن بلديهما جاران حليفان، ومن الطبيعي ان ينسّقا الجهود، وحركة البشر والتجارة بين الدولتين، عبر حدودهما الجوية والبرية والبحرية.
الرئيس (شي) نوّه إلى أنه “يتعيّن” على الصين وروسيا استكشاف أنماط مرنة ومتنوعة للتعاون في ظل الإجراءات اللازمة للوقاية من المرض والسيطرة عليه، حتى يمضي البلدان قدماً في دفع التعاون الثنائي، وشدّد الزعيمان التأكيد على تبادل الدعم في مكافحة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)؛ ورفض تسييس المرض؛ في إشارة إلى المساعي الإمريكية الحثيثة لتزوير الحقائق واتهام الصين زوراً بتخليق مرض (كورونا)، ومحاولة تحويلها إلى دولة شريرة كما يتضح في سياق نقلات السياسة الامريكية تجاه الصين، ومساعي جرّ قضية (كورونا) لادانة بكين، فمحاولة تحقيق الربح على حساب خسارتها المفترضة، برغم أن كل الأدلة الحالية، تشير ألى أنه لا يوجد أي سبب لاتهام الصين بالوباء، بل على العكس من ذلك، تتجه الانظار نحو الولايات المتحدة التي تسترت على انتشار المرض بين مواطنيها وعسكرها منذ ما قبل تفشي الوباء في (ووهان) الصينية، وتوفي العديد من الامريكيين قبل وفاة أي مواطن صيني جرّاء (لوباء).
إتّسم حديث بوتين و شي بالتأكيد على التصدي للوباء بروح إنسانية واثقة، إذ نوّه (شي) خلال المحادثة، إلى أنه في ظل انتشار المرض في جميع أنحاء العالم، “تواجه جميع البلدان مهمة شاقة تتمثل في التصدي له”، كما أشار شي إلى أنه وبوتين أجريا محادثتين هاتفيتين خلال شهر واحد لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بشأن كيفية تعزيز التعاون في الوقاية من المرض، والسيطرة عليه، لافتاً إلى أن ذلك كان “تجلياً جديداً للعلاقات الصينية – الروسية رفيعة المستوى”.
هذه المحادثات الهاتفية المتواصلة بين القائدين تؤكد عمق علاقاتهما الودية وتحالفهما. فالتواصل الدائم هو سِمة الحلفاء في بحث دقيق لكل قضية على كل صعيد إقليمي وقاري ودولي وغيره. وهو ما يؤكد أن القوى المُجَابِهة لهما واحدة، وهذه تتكاتف ضدهما في “مهام!” أقلها كما نلمس تدخلية في شؤونهما الداخلية، وضمن خطة جهنمية لتشييد الأسوار حولهما، طَمعاً في زحزحة دول العالم عن نجمهما وأركانهما التي تزداد صلابة بثقة البشرية بهما وبمسيرتهما وبرامجهما الانسانية.
وفي هذا الإطار نلاحظ كيف أن الرئيس (شي) أثنى على الجهود الشخصية التي يبذلها (بوتين) في تصديه للوباء، إذ أوضح (شي) أن بوتين يُخطط معركة روسيا ضد المرض ويقودها بنفسه، وقد طبّق في هذا الشأن مجموعة من الإجراءات الفعّالة للوقاية من المرض والسيطرة عليه. وأعلن (شي) عن أن “الجانب الصيني يثق في أن روسيا – تحت قيادة بوتين القوية – ستقضي بالتأكيد على المرض خلال وقت قريب، وتحمي سلامة وصحّة وشعبها، وتستأنف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولفت شي إلى أن (الصين وروسيا ترتبطان عبر جبال وأنهار)، وأن (صداقة حميمة تربط بين شعبيهما)، مضيفاً أن الشعب الصيني سيتذكر دوماً المساعدات الشاملة التي قدمتها روسيا في أصعب الأوقات خلال معركة الصين ضد المرض.
وتناول (شي) المساعدات الصحية الصينية لروسيا، مؤشّراً إلى أن فريق الخبراء الطبيين الذي بعثت به الحكومة الصينية “يعمل على نحو نشط في موسكو، ويتشارك بخبراته مع نظرائه الروس بشأن كيفية مكافحة المرض”، وأكد (شي)، إن “الصين زوّدت روسيا بدفعة من المساعدات، وتنشط في شراء الإمدادات الطبية اللازمة لمكافحة المرض”، مضيفاً “أن بكين تعتزم مواصلة دعم روسيا بقوة في هذا الصدد”.
الملاحظ في المحادثة الهاتفية ان الزعيمين استخدما مفردات قوية لوصف علاقاتهما، منها، أن “شي” أعرب عن امتنانه للجهود الكبيرة التي بذلتها موسكو تجاه المواطنين الصينيين في روسيا، وبأنه “يؤمن” بأن روسيا، “كما العهد بها دوماً”، “تحمي أنشطة العمل والحياة الطبيعية للمواطنين الصينيين على أراضيها”، واقترح أن “تعمل الصين وروسيا معاً للاشتراك في حماية أمن الصحة العامة العالمية، ويدعم ذلك نمو نسب التجارة الثنائية بين موسكو وبكين، والتي “نمت خلال الربع الأول من العام الجاري 2020 بنسبة 3.4 بالمئة على أساس سنوي، وأوضح شي أن هذا النمو التجاري “يكتسب قيمة خاصة في الوقت الحالي في ظل التباطؤ الشامل للاقتصاد العالمي”.
ولفت “ِشي” ‘ل أنه “يثق في أن الاختبار الذي يواجهه البلدان في التصدي للمرض سيُكسب التنسيق الإستراتيجي الروسي – الصيني مزيداً من القوة والمرونة، وسيجعل الصداقة بين الشعبين أقوى من ذي قبل.
من جانبه، قال فلاديمير بوتين، إن الصين حكومةً وشعباً حقّقت إنجازات هامة في إطار الوقاية من المرض والسيطرة عليه، وتقدم الآن الدعم والعون للكثير من البلدان الأخرى التي تكافح، ولفت بوتين إلى أنه منذ تفشي المرض، تمسكت روسيا والصين طيلة الوقت بالتضامن والتعاون والدعم المتبادل، “ما يظهر جليا الطبيعة الإستراتيجية والمستوى الرفيع للعلاقات الروسية – الصينية”.
وشدّد الرئيس الروسي على أن محاولات البعض وصم الصين بأنها منشأ المرض “لا يمكن قبولها”. كما أكد بوتين أن روسيا “تقف على أهبة الاستعداد لتعزيز التبادلات والتعاون مع الصين في مختلف المجالات، منها احتواء المرض، إلى جانب دعم التواصل والتضافر بين البلدين من خلال الأطر المختلفة، مثل الأمم المتحدة”.
واتفق الزعيمان أيضا على مواصلة الحفاظ على “تواصل وثيق عبر طرق مرنة ومتنوعة”، مما يؤكد أن االعلاقات الصينية الروسية تدخل اليوم في منعطف إستراتيجي أكثر عمقاً وبأن الزعيمين والشعبين إزدادا ثقة ببعضهما البعض، وبات تنسيقهما أعمق من ذي قبل في مواجهة التحديات العالمية الاستراتيجية، حينما نرى وضوح التكتل الدولي لبعض دول الغرب بمواجهة روسيا والصين، وكيل الاتهامات المختلفة لهما جزافاً، في محاولة لانقاذ “النظام الغربي” من هوّة يكاد يقع فيها فتضمحل قوته وبأسه الذي طالما تغنّى به هو ونُصرائه في العالم الثالث، وها هو يتوسّل مساعدات من الصين وروسيا لينقذ رأسه، بعدما أغلق على خسائره التي باتت معلومة وفضيحة دولية قلّلت من شأن الغرب برمته، إسمه وسمعته، وما درج على تسميته علو شأنه الطبي والعلاجي واولوية اختراعاته التي تراجعت فعلاً أمام اختراعات وفتوحات موسكو وبكين..
و.. غداً سيشهد مزيداً من تكشف الأسرار عن انغلاقية الغرب وأسراره المَفضوحة.
*#يلينا_نيدوغينا: رئيسة تحرير “الملحق #الروسي” في جريدة “ذا ستار”/ “الدستور” اليومية سابقا؛ وعضو مؤسس وقيادي في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين.
*التدقيق اللغوي والتحرير الصحفي: الأكاديمي مروان سوداح.
*المراجعة والنشر: أ. عبد القادر خليل.