تنشغل الشابة الفلسطينية نداء الشنطي من سكان غزة في لف قصاصات الورق الملون بحرفية عالية لتشكيل لوحات مزخرفة بطريقة جذابة وجميلة.
وتقول الشنطي (24 عاما) لوكالة أنباء (شينخوا)، إن قصتها مع فن لف الورق “الكويلينج” بدأت بالصدفة حين شاهدت فيديوهات قصيرة منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي لعدد من الفنانين الصينيين يتقنونه.
وتضيف الشنطي بينما كانت تنهي إحدى لوحاتها، أنها لجأت في البداية إلى هذا النوع من الفن كوسيلة للتخلص من الطاقة السلبية التي كانت تعاني منها عندما أصبحت عاطلة عن العمل بعد فترة وجيزة من تخرجها.
والشنطي خريجة علم اجتماع من إحدى الجامعات المحلية وتشير إلى أن هذا الفن ساعدها على تنمية مهاراتها في الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة عند صنع لوحاتها، وكان سببا رئيسيا في التركيز على الأشياء الإيجابية في صناعة لوحاتها.
وفن لف الورق من الفنون الورقية، ويقوم على استخدام شرائط من الورق يتم لفها وتشكيلها ولصقها معًا لإنشاء تصميمات زخرفية لتزيين بطاقات التهنئة والصور.
وجهزت الشنطي في البداية لوحات فن لف الورق الذي يعتبر غير مألوف في قطاع غزة، لأفراد عائلتها وأصدقائها في محاولة منها لتعريفهم على هذا “الفن النادر”.
لكنها لاحقا ضاعفت من اهتمامها بهذا الفن بعد أن نالت تشجيعا من كل من قدمت لهم اللوحات كهدايا، مشيرة إلى أن أكثر التعليقات التي أثرت بها بأن لوحاتها تساعد في جلب طاقة إيجابية إلى المنازل.
وتوضح أنها قررت أن تستثمر دراستها في صقل موهبتها لنشر الطاقة الإيجابية وابتكار طرق جديدة في صناعة اللوحات المزخرفة وتعليم الآخرين في كيفية التخلص من الطاقة السلبية بتشجيعهم على تعلم مواهب فنية جديدة وسهلة.
وهي تعتبر أن تنمية هذا النوع من الفن تتضاعف أهميتها عند الحديث عن قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ نحو 14 عاما ويعاني من تدهور اقتصادي واجتماعي بمعدلات قياسية.
وتقول عن ذلك “نحن نعيش في واحدة من أكثر المناطق فقراً، والتي تعاني من أوضاع اقتصادية وسياسية معقدة، أهمها عدم وجود استقرار في الحياة والتي أثرت سلباً على الحالة النفسية على السكان”.
وفي محاولة منها لتحقيق ما تطمح له، عملت الشنطي على إنتاج العشرات من اللوحات الفنية والتي ساعدتها في إقامة أول معرض لها في القطاع والذي لاقى إشادة كبيرة من الزوار كما تؤكد.
وتضيف “تفاجأت عندما رأيت الناس يحبون لوحاتي الفنية، ويسألونني عن المواد الخام التي كنت أنتجها”، مشيرة إلى أن ذلك عزز هدفها الأساسي بأن تثبت للآخرين أن لدى كل شخص طاقة داخلية إيجابية يمكنه استثمارها بما هو مفيد لصحته النفسية.
ويعيش زهاء 2 مليون نسمة في قطاع غزة الذي يعد أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم.
وتسبب الحصار الإسرائيلي بالإضافة إلى الانقسام الفلسطيني الداخلي بتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في القطاع مما انعكس بشكل سلبي على الصحة النفسية لدى الكثير من السكان.
علاوة على ذلك، زاد انتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وإجراءات التدابير الوقائية التي تم فرضها من السلطات الحاكمة في غزة مثل الإغلاق العام وفرض التجول، من أزمات السكان من بينها أزمات نفسية.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن أكثر من 70 في المائة من سكان غزة يعانون من الاكتئاب والضغوط النفسية بسبب التدهور في مختلف جوانب الحياة في غزة.
وتعتقد الشنطي أن الوضع في غزة لن يتغير قريبًا “لذلك من المهم أن نبحث عن وسائل وطرق جديدة تساعدنا على التغلب على النتائج السلبية لعدم استقرار الأوضاع على صحتنا النفسية”.
وتقول إن استعادة الاستقرار الداخلي أمر لا يحتاج إلى الكثير من المال “لكن يتطلب إرادة داخلية والمضي قدما نحو أهدافنا رغم كل العقبات التي قد نتحداها”.
واتخذت الشنطي أولى خطواتها للمساهمة في مساعدة النساء والأطفال الذين يعانون من الفقر في تخصيص جزء من أرباحها من بيع اللوحات لهم، بالإضافة إلى تعليمهم كيفية التخلص من طاقتهم السلبية من خلال إنتاج أشياء جميلة وكسب المال إذا قاموا ببيع تلك المنتجات.
*المصدر: سي جي تي إن العربية.