شبكة طريق الحرير الإخبارية/
بقلم دكتورة كريمة الحفناوى
عضو الاتحاد الدولى للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين
بالتزامن مع مرور عام على الحرب الروسية الأوكرانية ووسط نذر تصاعدها واستمرارها أطلقت الصين أواخر شهر فبراير مبادرة من 12 بندا لحل الأزمة سياسيا تتضمن وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، والشروع فى محادثات السلام بين الطرفين لإنهاء الحرب، ورفض استخدام أى سلاح نووى، وإحترام سيادة كل الدول، والالتزام بالقانون الدولى المعترف به بما يحفظ سيادة كل الدول واستقلالها ووحدة أراضيها، وتعزيز المساواة والتطبيق المتكافىء للقانون الدولى مع رفض المعايير المزدوجة، والتخلى عن عقلية الحرب الباردة، وأخذ المصالح والمخاوف الأمنية لكل الدول على محمل الجد، ووقف الأعمال العدائية وتفادى ما يؤجج التوترات، ومنع تدهور الأزمة أكثر بما يؤدى لخروجها عن السيطرة، من خلال دعم روسيا وأوكرانيا للعمل فى نفس الاتجاه لاستعادة الحوار المباشر بأسرع وقت، واستئناف محادثات السلام، مع مواصلة الصين تأدية دور بناء فى هذا الإطار وإيجاد حل للأزمة الإنسانية، وحماية سلامة المدنيين، وتبادل أسرى الحرب بين أوكرانيا وروسيا، والحفاظ على سلامة المنشآت النووية وعدم استخدام الأسلحة النووية، ومعارضة الصين لاستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية من قبل أى دولة تحت أى ظرف من الظروف، وتنفيذ مبادرة حبوب البحر الأسود بشكل فعال وبطريقة متوازنة، بجانب وقف العقوبات أحادية الجانب غير المصرح بها من قبل مجلس الأمن الدولى، والحفاظ على استمرار سلاسل الصناعة والتوريد، ومعارضة استخدام الاقتصاد كسلاح لتحقيق أغراض سياسية، ودعم مرحلة إعادة الإعمار بعد الحرب فى مناطق النزاع.
منذ بداية العقد الثانى من الألفية الثالثة يتصاعد الصراع العالمى بين الولايات المتحدة الأمريكية التى تصر على بقائها كقطب واحد مهيمن على العالم اقتصاديا وعسكريا من جهة، والقطبين الصاعدين الصين وروسيا على المستوى الاقتصادى والاستراتيجى العسكرى من جهة أخرى. وعلى المستوى الاقتصادى نجد تعزيز التعاون الاقتصادى بين روسيا والصين، وتوسيع شراكة كل منهما مع دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية والدول العربية، مما ينهى سيطرة الدولار، وبناء نظام مالى جديد.
وفى إطار هذا الصراع نجد أن أمريكا لن تسمح لروسيا بالانتصار فى الحرب الروسية الأوكرانية ولن تدع المبادرة الصينية (التى طرحتها الصين فى أواخر شهر فبراير الماضى 2023 بغرض التوسط للوصول لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا) تمر أوتنجح فى إنهاء الحرب، وستظل تشكك فى مصداقية الصين وحيادها، وستظل تشعل الحرب من جهة أوكرانيا بمساعدة الدول الأوروبية وحلف الناتو حتى آخر جندى أوكرانى.
أكد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بايدن بعد نهاية عام على الحرب الروسية الأوكرانية، على أن بلاده لن تسمح لروسيا بالانتصار، وذلك لاستمرار استنزاف روسيا اقتصاديا وإذلالها، والقضاء على بوتين عن طريق تزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة المتقدمة وفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا.
وبالرغم من أن العقوبات الاقتصادية ارتدت على دول أوروبا بمشاكل جمة أدت إلى أزمات اقتصادية داخل بلدانها مع زيادة التضخم وارتفاع الأسعار، كانت نتيجتها احتجاجات ضخمة وإضرابات للعديد من الفئات داخل بلدانها، إلا أن الدول الأوروبية تلهث وراء أمريكا (رغم حدوث بعض التصدعات فى الحلف الأمريكى الأوروبى) وارتفعت أصوات حكامها برفض المبادرة الصينية، وذلك بالرغم من العلاقات التجارية والاستثمارية الكبيرة بين الصين والدول الأوروبية.
إن أمريكا تجر الدول الأوروبية والعالم لمزيد من التصعيد نحو حرب عالمية لبقاء هيمنتها لذا لن تسمح للصين بنجاح مبادرتها التى تعنى دورا أكبر فى الملفات الدولية، وتعنى فعليا بناء نظام عالمى جديد ينهى سيطرة القطب الواحد، وستضع أمريكا العراقيل أمام تنفيذ المبادرة الصينية لفترة ليست بقصيرة.
إن الشعوب تتوق إلى إيقاف الحروب وتنادى بالسلام الذى يساعد على الاستقرار والتنمية والتقدم والرخاء، كما أنها تعرف أن عالما متعدد الأقطاب يحترم سيادة الدول والتعاون بينها أفضل من القطب الواحد المهيمن الذى أدت سياساته إلى المزيد من نهب ثروات الشعوب ومزيد من اتساع الفجوة الطبقية بين العالم الأول والعالم الثالث.