شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
بقلم الدكتورة كريمة الحفناوي*
*تعريف بالكاتبة: إعلامية مصرية شهيرة، ومُعتمدة للنشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية في الجزائر؛ وعضو متقدم ناشط في #الأتحاد_الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب #أصدقاء_وحلفاء #الصين؛ وناشطة سياسية وقيادية في حركة كفاية؛ وعضو مؤسس بالحزب #الاشتراكي_المصري وجبهة نساء #مصر، وعضو حملة الحريات #النقابية والدفاع عن حقوق العمال؛ وعضو لجنة #الدفاع عن الحق فى الصحة – مصر.
وسط حشد عربى ومصرى كبير كان اللقاء، فى الثامن والعشرين من سبتمبر 2020، فى ذكرى مرور خمسين عاماً على رحيل القائد جمال عبد الناصر، والذى أجمع الحضور على أنها خمسون عاماً من الحضور فى ذاكرة شعوب الأمة العربية و (الأفروأسيوية) التى تتطلع للاستقلال الوطنى من المستعمرين الجدد، المتمثلين فى الرأسمالية المتوحشة الناهبة لثروات الدول النامية.
خمسون عاماً من الحضور فى قلوب الشعوب التى مازالت تبحث عن العدالة الاجتماعية والمساواة والمواطنة وعدم التمييز وتذويب الفوارق بين الطبقات خمسون عاما من الحضور فعبد الناصر لم يرحل ولكنه فرض نفسه على الجميع بمساندة قوى التحرر الوطنى بعد ثورة 23 يوليو 1952 فى الوطن العربى وبلدان إفريقيا، كما كان من مؤسسى حركة عدم الانحياز فى مؤتمر باندونج 1955، عبد الناصر باق فهو رمز للانتماء القومى العربى ورفض التبعية وعدم الخضوع للقوى الاستعمارية الكبرى.
عبد الناصر باق كما قال المفكر اللبنانى الكبير الدكتور أسعد السحمرانى، (الذى جاء إلى مصر لإحياء الذكرى الخمسين لرحيل عبد الناصر)، حيث أكد فى كلمته الصادقة على أن مصر قلب العروبة النابض وأن قدرها قيادة أمتها للنهوض وللحفاظ على الأمن القومى العربى فالأحرار يصنعون الوطن ولايحمى الأوطان تابع كما لايحفظ الكرامة بائع.
وفى يوم الإثنين، الثامن والعشرين من سبتمر 2020، أقامت اللجنة القومية لمئوية جمال عبد الناصر بالاشتراك مع وزارة الثقافة عدة ندوات فى المجلس الأعلى للثقافة تناولت عدة محاور هامة تناولت العروبة والمشروع الوحدوى،ومصر والنظام الدولى بعد ثورة 23 يوليو 1952، والتنمية المستقلة والاقتصاد الوطنى،واختتمت الندوات بندوة حول قوة مصر الناعمة فى الثقافة والفنون والإعلام. ووسط حضور مصرى وعربى مع مراعاة إجراءت الوقاية من فيروس كوفيد 19 المستجد تم عقد الندوة التى سأتحدث عنها وهى “التنمية المستقلة والاقتصاد الوطنى” والتى أدارها الدكتور مجدى زعبل، المنسق العام للجنة القومية للمئوية، وتحدث فيها عدد من المفكرين والخبراء الاقتصاديين، الدكتور محمد عبد الشفيع عيسى، الخبير الاقتصادى بمعهد التخطيط، والدكتور شريف قاسم، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات، والمهندس صبرى عشماوى، رئيس جمعية بناة السد العالى، والأستاذ شريف جاد، مدير النشاط الثقافى بالمركز الثقافى الروسى في القاهرة.
وقبل الحديث عن أهم ماجاء فى الندوة ينبغى الإشارة إلى أنه بعد تفشى فيروس كورونا واضطرار الدول والحكومات لمواجهته صحياً وأيضاً مواجهه التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والأزمات الناتجة عن الاجراءات والخطوات التى اتخذتها لمنع تفشى الفيروس ومنها (الإغلاق التام أو الجزئى لأماكن التجمعات فى المدارس والجامعات والنوادى والمؤسسات والمصانع بجانب توقف النشاط السياحى والطيران والنقل بين الدول وبعضها) تبين مع كل هذه الإجراءات أهمية الاعتماد على الذات بمعنى الاعتماد على الاقتصاد الإنتاجى الزراعى والصناعى من أجل الاكتفاء الذاتى أولا وثانيا وثالثا ثم الإنتاج من أجل التصدير وذلك من أجل توفير الأمن الغذائى والدوائى للشعوب كما اتضح أهمية الاهتمام بخدمات التعليم والبحث العلمى والصحة وأيضا مع ثورة الاتصالات والمعلومات لابد من الاهتمام بإنشاء بنية تحتية خاصة بشبكة الاتصالات الإلكترونية نظرا للاعتماد عليها فى التعليم والعمل والتسوق وعقد المؤتمرات فى الداخل والخارج من خلال برامج إلكترونية تتيح كل ذلك عن بعد للحفاظ على التباعد الاجتماعى.
إن الدول التى اعتمدت على اقتصاد إنتاجى وعلى منظومة خدمات صحية متكاملة استطاعت أن تتجنب الآثار الناجمة عن جائحة كورونا بشكل كبير.
من هنا جاءت أهمية ندوة التنمية المستقلة والتى ركز السادة المتحدثون من خلالها على عدة محاور ونقاط هامة سأوجزها فى السطور التالية:
أكد السادة خبراء وأساتذة الاقتصاد على أن جوهر الاستقلال الوطنى هو التنمية المستقلة، وأن السد العالى هو أكبر مشروع تنموى فى القرن العشرين، وهو كذلك رمز للتنمية المستقلة، سواء زراعياً أو صناعياً، فلقد حمى مصر من الفياضانات التى تنتج من غزارة الأمطار، كما ساعد على زيادة الرقعة الزراعية، وتحويل نظام الرى من رى الحياض إلى الرى الدائم، مما ساهم فى توليد الكهرباء لإنارة مصر وقراها وتشغيل مئات المصانع الإنتاجية التى ساهمت فى تصنيع بلادنا، كالحديد والصلب والمصانع الحربية والنصرللسيارات والأسمنت في حلوان، ومجمع الألومنيوم الصناعى بنجع حمادى، والغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وشبرا الخيمة.
وأشار المتحدثون إلى أن من يملك قوت يومه يملك غده ويملك الإرادة الحرة المستقلة فى قراراته دون الاضطرار للتبعية للدول الكبرى الرأسمالية المتوحشة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وأن التنمية المستقلة تعنى الاعتماد على الذات ويكون من نتائجها زيادة الدخل القومى والمدخرات والتقليل من الاعتماد على الاستيراد بإنتاج سلع تحل محل الواردات من السلع الاستهلاكية والوسيطة والثقيلة، وتعتمد التنمية المستقلة على خطط زمنية قصيرة الأمد وخطط استراتيجية طويلة الأمد تحقق التوازن بين الاستثمار والادخار والاستهلاك.
كما أكد المتحدثون على أن التنمية الكاملة هى التنمية فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فلا تنمية انتاجية بدون تنمية الموارد البشرية.. واسمحوا لى أن أتوقف عند هذه النقطة الهامة وهى تنمية الموارد البشرية وازيدها تفصيلاً من وجهة نظرى، حيث أن العالم بات يعانى من السياسات النيوليبرالية التى أدت إلى اتساع وزيادة الفجوة الطبقية، مما أدى إلى مزيد من الإفقار وزيادة أعداد الفقراء والمهمشين فى العالم مع تردى الخدمات.
لذا، حين نتحدث عن أن التنمية الكاملة هى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لابد وان نركز على تنمية الموارد البشرية من حيث التعليم والتدريب والتأهيل مع تحقيق حياة معيشية كريمة بتوفير فرص عمل وأجور تساعد على الصرف على أعباء المعيشة الضرورية. هذا، بجانب تمتع الفئات المختلفة بالضمانات الاجتماعية من المعاشات والتامين الصحى، وتوفير الدولة للمرافق وبجودة عالية، فى المياة والكهرباء، والصرف الصحى والسكن الصحى، ووسائل النقل والمواصلات والاتصالات.
لقد أكد المتحدثون على أنه لتحقيق التنمية المستقلة والاستقلال الوطنى لابد من توافر إرادة سياسية قوية لبناء مشروع تنموى مع الاهتمام بالدور الاجتماعى للدولة وتوظيف رأس المال الوطنى للتنمية مع التعاون الساعى إلى التكافؤ مع العالم الخارجى وأن الأمن القومى يعنى اقتصاد مستقل.