خاص بشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
المنتدى الاقتصادى العالمى..
التوفيق بين احتواء جائحة كورونا والتنمية الاقتصادية
بقلم: دكتورة كريمة الحفناوي
*تعريف بالكاتبة: إعلامية مصرية شهيرة، وناشطة سياسية وقيادية في حركة كفاية؛ وعضو مؤسس بالحزب #الاشتراكي_المصري وجبهة نساء #مصر، وعضو حملة الحريات #النقابية والدفاع عن حقوق العمال؛ وعضو لجنة #الدفاع عن الحق فى الصحة – مصر.
بداية انطلاقة المنتدى الاقتصادى العالمي كانت في العام 1971 مع تجمع مجموعة من قادة قطاع الأعمال والتجارة، مع شخصيات قيادية بارزة فى المجالات السياسية والأكاديمية والأنشطة الخيرية، ويُعقد سنويا فى منتجع دافوس للتزلج بجبال الألب فى سويسرا، وانضم للمنتدى عبرالسنوات الماضية شخصيات بارزة من كبار المستثمرين، وزعماء العالم، وشخصيات من الأمم المتحدة، ويتم من خلاله تناول قضايا الاستثمار وإبرام وعقد الصفقات التجارية.
وفى المنتدى يقدم العديد من قادة العالم تصوراتهم من أجل تقدم البشرية، وبهدف مد يد المساعدة للدول الفقيرة، كما تقدم العديد من الشركات تعهدات باستخدام أمثل للموارد الطبيعية والطاقة النظيفة.
وقد تم عقد المؤتمر هذا العام، فى الأسبوع الأخير من شهر يناير 2021، من خلال تقنية الفيديو كونفرانس، نظرا لاستمرار جائحة كورونا، وتناول قادة العالم الأراء حول الأوضاع العالمية فى ظل الأزمات الناتجة عن استمرار اجتياح فيروس كورونا الصحية والاقتصادية والاجتماعية، مع التأكيد على توحيد وتنسيق الجهود فى مجال نشر وزيادة وتوفير اللقاحات اللازمة ضد فيروس كورنا.
لقد تناولت فى مقالات سابقة ملامح السياسات الخارجية الأمريكية فى ظل الرئيس الجديد جو بايدن، وسأتناول فى هذا المقال ما أكد عليه الرئيس الصينى شى جين بينغ، وكذلك أهم ما تناوله الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى المنتدى الاقتصادى العالمى، حيث أكد كل منهما أن البشرية تعانى من أخطر أزمة كساد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، كما أكدا على أهمية إعادة هيكلة الاقتصاد العالمى وفقا للمتغيرات خلال السنوات الأخيرة.
قال الرئيس شى جين بينغ “لا بد من توحيد الجهود على الأولويات والتوفيق بين احتواء جائحة كورونا والتنمية الاقتصادية وتعزيز الدعم والسياسات الاقتصادية الكلية، بما يُخرِج الاقتصاد العالمى من غيوم الأزمة، مع نبذ التميز الأيديولوجى، والسير على طريق التعايش السلمى والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، على أساس الاحترام المتبادل لإضفاء قوة دافعة على مسيرة تقدم الحضارة البشرية”. وأكد أيضاً فى رسالته للمنتدى على أهمية تجاوز الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية، والعمل على سد الفجوة بين الجنوب والشمال، وأضاف “يجب على المجتمع الدولى الوفاء بوعوده وتوفير دعم ضرورى لتنمية الدول النامية، وضمان حقوقها ومصالحها التنموية المشروعة، وتعزيز المساواة وتكافؤ الفرص.”
وأضاف الرئيس الصينى خلال كلمته فى المنتدى الاقتصادى: “ستعمل الصين باعتبارها عضوا ثابثا فى عائلة الدول النامية على تعميق التعاون بين الجنوب والجنوب وتقديم مساهمة فى جهود الدول النامية للقضاء على الفقر وتخفيف عبء الديون وتحقيق النمو الاقتصادى”.
من جانيبه، تحدث فلاديمير بوتين أيضا عن هذه الفجوة الطبقية التى أدت إليها السياسات النيوليبرالية للرأسمالية المتوحشة المعسكرة، حيث قال ان “1% فقط من سكان العالم تمكنوا من جمع الفوائد جراء نمو الشركات الكبيرة عابرة القارات، وفى المقام الأول الشركات الأمريكية والأوروبية، فى الوقت الذى باتت دخول أكثر من 50% من مواطنى الدول المتطورة راكدة على مدار العقود الثلاثة الأخيرة، بينما ازدادت تكاليف التعليم والصحة والخدمات الطبية خلال هذه الفترة نفسها ثلاثة أضعاف”.
وأشار بوتين فى خطابه ايضاً، إلى حق المواطن فى العمل وتطور وبناء القدرات والحصول على رعاية صحية جيدة وتأمين التعليم والحرص على زيادة دخل الأسرة”. وحذر الرئيس الروسى فى خطابه من أن السياسات الحالية والتى تؤدى إلى مزيد من التقسيم الطبقى والاجتماعى ستؤدى إلى استقطاب حاد فى وجهات النظر وتحفز نمو الشعبوية واليمين واليسار المتطرف بما يضر بمستقبل استقرار الدول. وأضاف بوتين “لقد انتهى عهد بناء عالم أحادى القطبية فالعالم متعدد الأقطاب معادل للتنوع الحضارى والثقافى”.
وفى هذه النقطة حذر الرئيس الصينى من أن إشعال حرب جديدة على الساحة الدولية وإقصاء وتهديد وتخويف الآخرين وفك الارتباط وقطع الإمداد وفرض العقوبات بدون مبرر وافتعال التباعد والانعزال، سيدفع العالم إلى اتجاه الانقسام والمجابهة وسيقودنا ذلك إلى طريق مسدود. كما أكد على أنه يجب الالتزام بسيادة القانون الدولى مع صيانة سلطة الهيئات متعددة الأطراف ولايجوز للأقوياء التنمر على الضعفاء وإلا ستنزلق البشرية إلى قانون الغابة وستتعرض البشرية لعواقب كارثية.
وإذا انتقلنا لقضية المناخ والبيئة نجد أنها حظيت بأهمية كبيرة فى المنتدى الاقتصادى ففى 28 يناير وتحت عنوان “إنقاذ كوكب الأرض من الاحترار العالمى” حث وزير الإيكولوجيا والبيئة الصينى، هوانج رون تشيو، على تشكيل جبهة واحدة فى معالجة أزمة المناخ حيث قال “هناك أرض واحدة فقط ومستقبل واحد للبشرية، نحن بحاجة إلى العمل معا لأننا مجتمع واحد لمواجهة تغير المناخ”.
بيَّن الرئيس الصينى شى جين بينغ فى حديثه عن قضية المناخ “لابد من تعزيز الجهود لمواجهة تغير المناخ ودفع التنمية المستدامة، سنعمل على تكريس أسلوب أخضر ومنخفض الكربون للحياة والإنتاج، وسنعمل على تحييد الكربون عام 2060 وتنفيذ اتفاقية باريس لمواجهة تغير المناخ وتعزيز التنمية الخضراء”.
ومن أهم ما أشار إليه الرئيس الصينى هو عمل الصين مع دول العالم على خلق بيئة عادلة ومنصفة وغير تمييزية للتطور العلمى والتكنولوجى لما فيه نفع وخير الجميع مؤكدا على أن بلاده ستواصل تطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
وفى نهاية خطابه أكد على استمرار الصين فى إنتهاج سياسة التباين بين الدول والقبول به وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، وتسوية الخلافات عبر التشاور والحوار، وقال: “لنعمل يدا بيد ونجعل شعلة تعددية الأطراف تضيىء طريقنا نحو إقامة مستقبل مشرق لنا جميعا”.
هل تأمل البشرية فى إعادة هيكلة الاقتصاد العالمى وفقا للمتغيرات والتداعيات التى كشفت عنها جائحة فيروس كوفيد 19، أم ستستمر فى التطاحنات والصراعات ومزيد من زيادة ثروة الأغنياء على حساب مزيد من تردى الأحوال المعيشية للفقراء… ؟!