جريدة الدستور الاردنية/
الأكاديمي مروان سوداح*
فجأة، وبمحض الصّدفة، غدت بعض العِملة الأردنية المَحفوظة في جيبي ذهباً لامعاً، وبعضها الآخر صَارَ فِضّةً شديدة اللّمعان..!
في الحقيقة، كان رد فِعلي الأول على هذه العجائبية تقديم الشكر الكبير للمولى العظيم على هِبتهِ الذهبية والفضّية هذه، فهي غير مسبوقة مذ وُلدتُ على قمِّة أحد جِبال عمّان العريقة، التي تعَامل شعبها العَمّوني في يوم من أيام الأزمان السحيقة بقطعٍ من الذهب، كما تداول أهلها آنذاك في حياتهم اليومية الفضّة، والأحجار الكريمة، وغيرها من المعادن والأشياء ذات الأثمان الباهظة.
في الواقع، لم أفعل شيئاً غير مألوفٍ، ولم أقم بحركةٍ غير مسبوقةٍ لتحويل العِملة المحلية إلى ذهبٍ وفضةٍ. كل ما في الأمر هو أنني أفكّر بلا توقف بكيفية اجتراح عَملانيات بسيطة وغير مُكلِفة لحماية ذاتي من تبعات فيروس كورونا المُستجد، وغيره من الجوائح التي تفتك أولاً وأسرع بـِ»كبار السّن» قبل غيرهم، كما يُشاع. العملية التي شرعتُ أنا بها سريعة، فقد أدركت أنه وخلال بضعِ ثوانٍ يمكن لـٍ»الفكّة» التي في جيبي أن تتحوّل إلى «كعب آخيل» وتقضي على حياتي. لذلك، كان ضرورياً غسلَها بماءٍ وصابونٍ خاص، لتغدو بعدها مُعقَّمة ولامعةً، كما لم تلمع أمام ناظري على مدار أكثر من ستة عقود، برغم جمعي عِملة أردنية في أحقاب مختلفة.
أكد الأطباء والمختصون في مختلف بلدان العالم، أن انتقال (كوفيد-19) مُحتمل جداً من خلال النقد المَعدني والورقي. لذلك، يَدعونا العُلماء ببواطن الأمور إلى تنظيف النقد وتلميعه كلما تطلّب الأمر ذلك، وهذه العملية التي لا تكلف المرء أكثر من دقيقة تندرج على فوائد أخرى، هي الاستمتاع بصورة النقد المَعدني اللمّاع وجماليته الآخاذة، وإحياء هواية (جَمع العِملات) الأردنية منذ تأسيس الإمارة وإلى اليوم، وهذه لعمري مُتعة وفي زمن (كورونا) أيضاً، لِما تتضمنه من معانٍ وطنية وكيانية وتاريخية، إلا أن الأهم من كل ذلك، هو أن النقد الأُردني يحمل صورة جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، ولهذا بالذات، يَدعونا الواجب الوطني للمحافظة على لمعان هذه القِطع النقدية وجماليتها وجاذبيتها للعين المحلية والأجنبية. ومن المهم بمكان الشروع بحملة وطنية لا سيّما بين طلبة الجامعات؛ وتلاميذ المدارس؛ والهيئات النسائية؛ ورجال الدين والدنيا، لنشر التوعية بضرورة (غسل النقد المعدني)، حماية لصّحة المواطن وسلامة الوطن، وعلى الأجيال أن تتناقل هذه الممارسة الوطنية والصّحية لِمَا لها من فوائد اجتماعية جمّة. وإلى جانب ذلك، أقترحُ إطلاق حملة وطنية لِـ(غسل النقد)، وتوجيه المواطن إلى وضع القطع النقدية في كيس بلاستيكي خاص يحمله في جيبه، وهو ما أقوم به شخصياً، وأجد في ذلك راحة نفسية، وشعوراً باخلاص وطني عارم تُجاهَ الملك والشعب والأمة.
*كاتب وصحفي أردني.