CGTN العربية/
مع ارتداد تفشي فيروس كورونا الجديد في الولايات المتحدة بشكل شديد، أعادت الحكومة الأمريكية إلقاء اللوم على الصين مرددة بأن بكين مسؤولة عن هذا الأمر، بالإضافة إلى استمرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوصف الفيروس “بإنفلونزا الكونغ فو” منذ بداية التجمعات الانتخابية. بينما اتهم مايك بومبيو الصين في تغريده له على تويتر بأنها ” تسببت في آلاف الوفيات”، في محاولة لجر الدول الأوروبية إلى جانبه.
“إلقاء اللوم على الصين”، جاء في الوقت الذي تجاوز فيه عدد الحالات المؤكدة في الولايات المتحدة 2.5 مليون شخص وكان أكبر عدد لحالات الإصابة الجديدة خلال يوم واحد أكثر من 45 ألف شخص. إن تعليقات ترامب الخاصة بهذا الشأن لاقت تنديدا على نطاق واسع بأنها تعليقات غير مناسبة وتعكس العنصرية.
إلقاء اللوم على الصين لا يرفع التكاليف الشخصية للصينيين والآسيويين في الولايات المتحدة فحسب، بل يبدو أن هذا التصرف غير مقنع أكثر فأكثر نظرا للحالة الحرجة في البلاد والفشل الواضح لقيادتها.
بعد بدء تفشي الفيروس في الولايات المتحدة في مارس، قام ترامب بإلقاء اللوم على الصين بأسلوب عنصري وبدوافع سياسية متهما فيه الصين بالمسؤولية عن معاناة بلاده، وذلك واقعا بهدف توسيع آفاق إعادة انتخابه وتخليصه من الوضع الاقتصادي الصعب.
ولكن هذه الخدعة لا تصمد أمام التدقيق الجاد، حيث تظهر الأدلة أن ترامب تجاهل التحذيرات الخطيرة الصادرة عن المخابرات الأمريكية وكبار المسؤولين في مجال الصحة الذين حذروا من وجود جائحة محتملة لمدة أشهر. ولكن كان يخاف من تأثيرات الوباء على الأسواق والاقتصاد، حتى أنه وصف الفيروس بأنه “خدعة” جديدة صنعت من قبل الديمقراطيين.
في الوقت نفسه، فشل ترامب في إظهار القدرة الكافية على القيادة وتوجيه الإرشادات في التعامل مع الفيروس، على سبيل المثال، الجدل مع حكام الولايات، ومطالبتهم على تويتر برفع إغلاق الولايات، ورفض ارتداء الكمامات، ونشر العلاجات الوهيمة والاقتراح بحقن مرضى كورونا بالمطهرات وغيرها.
على الرغم من هذه الإخفاقات المتزايدة، قرر ترامب تشتيت الانتباه عن الوضع الحقيقي بواسطة إلقاء اللوم على بكين. ولكن الأدلة تشير إلى أن العالم كله وحتى الولايات المتحدة لا ترى أنه أمر ذو مصداقية.
تبين دراسة استقصائية عالمية لـ53 دولة و150 ألف شخص جرت في وقت سابق من هذا الشهر، أن هناك ثلاث دول أخرى فقط تعتقد أن الولايات المتحدة قامت باحتواء الفيروس بشكل أفضل من الصين، كما أن العديد من حلفاء الولايات المتحدة غير راضين عن أداء واشنطن في مكافحة الفيروس.
أما الوضع داخل البلاد، فإن متوسط معدل مناهضة ترامب مستمر في الزيادة، حيث لاحظت “سياسة سي إن إن” أن متوسط درجات ترامب انخفض بنسبة 10% منذ مارس. بالإضافة إلى ذلك، تراجع كثيرا عن منافسه في الانتخابات جو بايدن الذي سبقه بشكل كبير في توقعات الولايات المتعددة للانتخابات التي ستقام في نوفمبر.
الدليل على فشل الولايات المتحدة في إلقاء اللوم على الآخرين لا يتوقف عند هنا.
لاقت محاولة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو نقل هذه الخدعة إلى أوروبا سخرية كبيرة، إذ أن الاتحاد الأوروبي قد أدرج الصين على قائمة الدول التي سيعيد فتح حدوده معها، لكنه قرر مواصلة منع القادمين من الولايات المتحدة من دخول حدوده بسبب عدم قدرتها على السيطرة على كوفيد-19.
لذا، فهذا يدل على أن محاولات الولايات المتحدة المستمرة في إحالة المسؤولية عن إخفاقاتها إلى الصين، تنقصها المصداقية ولا يمكنها تفسير سوء الإدارة داخل البلاد.
ففي هذه الحالة، يعتبر الأمر سخيفا وغير منطقي عندما تقول الولايات المتحدة إن الصين مسؤولة عن سوء إدارتها لأزمتها الداخلية الخاصة، وعن عدم قدرتها على مواجهة الفيروس في الوقت الذي يرى فيه الجميع أنه لا يمكن للبلدين أن يفترقا عن بعضهما.
بقلم توم فودي، محلل بريطاني متخصص في العلاقات السياسية والدولية.