شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية/
العلاقات الصينية الباكستانية
تطورها وتأثيرها الإيجابي في القارة الآسيوية
بقلم الاستاذ الصحفي السوري سامر كامل فاضل
*كاتب وشاعر وصديق الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين، معتمد للنشر لدى شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية .
تعود العلاقات الصينية الباكستانية إلى 70 عاماً خلت، فقد قامت خلالها هذه العلاقات على أساس الصداقة والشراكة الاستراتيجية والمصالح المشتركة وتجاوزت بهذه الأسس تبايناً كبيراً في نظام الحكم بين البلدين ، بين نظام جمهوري وإسلامي في باكستان ونظام بكين الذي تبنى الإيديولوجية الشيوعية، لتتجذر علاقة متميزة بينهما لم تستطع المتغيرات الدولية في المنطقة أن تؤثر عليها، بل على العكس أخذت منحىً تصاعدياً من الديمومة ولم تأخذ شكل علاقة دولة صغيرة بدولة كبيرة جغرافياً واقتصادياً وسياسياً ،بل سادها الندية والتعاون والتبادل المشترك لتصل إلى طفرةٍ نوعيةٍ مع وصول الرئيس تشي جين بينغ إلى سدة الرئاسة .
فباكستان بموقعها الجغرافي والسياسي على مفترق الطرق بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا وغربها جعل منها سياجاً يحول دون تطويق الصين وممراً لتواصلها التجاري مع بحر العرب .
وقد وجدت باكستان نفسها بهذا الموقع وسط ديناميات إقليمية لها تأثيرها على مجريات سياساتها الخارجية والداخلية كمحددات جيوسياسية تفرض نفسها عليها بشكل مباشر وغير مباشر أحياناً ، وقد شكلت آسيا الوسطى وجنوب آسيا محور السياسات الدولية نتيجةً للحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو على الإرهاب كما زعموا في أفغانستان من جهة وحضور الصين الصاعدة وعودة روسيا القوية بقيادة بوتين من جهة ثانية.
ووجدت الصين وباكستان مع وجود تطور مستمر في تشكيل القوى الموجودة في المنطقة أنه من المفيد للجانبين العمل معاً من أجل تحقيق المزيد من الرخاء والسلام في المنطقة ، وأدى ذلك إلى إقامة علاقات ثنائية بينهما هدفت للحفاظ على المصالح المتبادلة بين الطرفين .
فقد كانت باكستان أول من اعترف بجمهورية الصين الشعبية بدل تايوان عام 1950 ، وأقامت معها علاقات دبلوماسية لتكون الأولى بين الدول الإسلامية والثانية في جنوب آسيا بعد الهند التي تقيم معها علاقات دبلوماسية ، وبالمقابل دعمت الصين باكستان في حربها ضد الهند التي نشأت عام 1962، لتدخل العلاقات بينهما فصلاً جديداً سعى إلى توحيد جهودهما في مواجهة الهند وإعادة ترسيم الحدود بينهما ، وسلمت باكستان حينها طريق ( كاراكورام ) للصين لإنهاء النزاعات الحدودية وتعزيز العلاقات الودية مع بكين التي ثمنت هذه الخطوة، ونشأ تحالف غير رسمي بينهما تطور إلى علاقة شراكة استفاد منها كلا البلدين على مختلف الصعد الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية .
وقدمت الصين مساعدات اقتصادية ودعماً سياسياً كبيراً لباكستان حين استخدمت الصين عام 1972 حق النقض الفيتو لأول مرة في مجلس الأمن الدولي لمنع قبول عضوية بنغلادش ( باكستان الشرقية سابقاً ) في منظمة الأمم المتحدة.
واستمرت الصين في تعزيز علاقاتها بباكستان لا سيما عقب وخلال الحرب الباكستانية الهندية عام 1971 التي انتهت بانفصال باكستان الشرقية المعروفة ببنغلادش اليوم .
كما تضامنت الصين مع باكستان في ما يتعلق بالقضية الكشميرية من خلال مساندة كفاح شعب كشمير في الحصول على حقه في تقرير المصير وبدورها باكستان دعمت الصين في قضايا تايوان، والتبت وشينجيانغ وغيرها من القضايا الوطنية الصينية.
ومع تسلم الرئيس شي جين بينغ السلطة في بكين عام 2013 واقتراح الصين الاستراتيجية الكبرى المعروفة باسم ( حزام واحد وطريق واحد ) دخلت العلاقات الباكستانية الصينية مرحلةً جديدةً من الشراكة الاستراتيجية التي تم تتويجها بإطلاق مشروع الممر الاقتصادي الصيني عام 2015.
فالصين من وجهتها ترى أن التعاون الاقتصادي يجب التعويل عليه كثيراً في تنمية المنطقة الغربية من الصين ، وترى هذه الشراكة ضرورة للتنمية والاستقرار والإسهام في الرخاء الإقليمي ، إذ تعمل باكستان كجسرٍ بين الصين ودول في جنوب ووسط وغرب آسيا، فيما تطور الصين التي تعتبر أكبر اقتصاد في آسيا علاقاتها وتعاونها مع هذه الدول، وبهذا التعاون تقترح كل من الصين والباكستان إنشاء طريق للنقل يربط الصين بمنطقة الخليج العربي يستهدف تعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة التي سيمر بها ويؤدي إلى تخفيض المدة الزمنية اللازمة لشحن البضائع من الصين إلى المنطقة .
وقد استطاعت الصين وباكستان أن تجذب لاعبين إقليميين أساسيين من خلال الترابط الاقتصادي بينهما، وقد برز ذلك في التكامل الاقتصادي بين البلدين الذي كان له دوراً حيوياً في الاستقرار الاقتصادي في الإقليم من خلال تكثيف العلاقات الاقتصادية الثنائية بين البلدين ، لنجد أن المشاريع الاقتصادية الثنائية بين بكين وإسلام آباد جذبت دولاً إقليمية أخرى للانخراط في مشاريع وكتل اقتصادية ، مما عزز الترابط الاقتصادي بين جميع هذه الدول في الإقليم وأهم مثالٍ على ذلك مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي استقطب دولاً فاعلة أبدت رغبتها بالانضمام للمشروع مثل روسيا وإيران. ويعتبر هذا المشروع الذي تم توقيع مذكرة التفاهم عليه عام 2013 الإنجاز الأكبر لباكستان بعد القنبلة النووية والذي يطلق عليه اسم (CPEC) وهو عبارة عن مجموعة من مشاريع البنية التحتية والطاقة والنقل ، إذ تعول الباكستان كثيراً على هذا المشروع لدفع عجلة النمو الاقتصادي لديها من خلال تحسين البنية التحتية لديها وحل مشكلة الطاقة .
وبعد قبول باكستان كعضو دائم في منظمة شانغهاي للتعاون عام 2015 زادت الأهمية الإقليمية لباكستان كعامل محدد للسلام والأمن والتعاون الفعال بين الدول الأعضاء والدول المراقبة في المنطقة ، كما أنها أصبحت ممراً تجارياً يبعث الحياة لجمهوريات آسيا الوسطى غير السامية ، وهذا يعزز بشكل كبير موقف البلاد في المنطقة والعالم ويكون له تأثير إيجابي على مشروعات الاتصالات الضحمة مع الصين ، وبالتالي فالتعاون بين الصين وباكستان في جنوب ووسط آسيا هو استجابة منطقية ومبررة للمشاكل الإقليمية وعدم الاستقرار السياسي والركود الاقتصادي ، وهذا التعاون الواسع النطاق بينهما سيعزز الثنائية التي تدفع إلى تحقيق النمو الإقليمي والازدهار الاقتصادي ويكون في ذلك خدمةً كبيرةً للشعوب في المنطقة .
** ملاحظة المحرر: تعكس المقالة وجهة نظر الشخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية.