Wednesday 26th February 2025
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

العلاقات الصينية الباكستانية الهندية .. أضلاع الهرم الآسيوي الشائك

منذ 4 سنوات في 10/فبراير/2021

شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/

 

العلاقات الصينية الباكستانية الهندية .. أضلاع الهرم الآسيوي الشائك

 

أ.م. أحمد موسى نصار*

*التعريف بالناشر: كاتب وباحث ومتخصص فلسطيني في الشؤون الصينية والفلسطينية – الإسرائيلية – الصينية، وصاحب أطروحة علمية متميزة في هذا المجال، وعضو ناشط وقديم في الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين. مقيم في الصين. 

 

لطالما أنتهجت الصين علاقات سياسية خارجية متزنة تجاه الدول الأخرى تراعي مصالحها في المرتبة الأولى، وتنظر إلى القضايا الإقليمية والدولية بمنظورها الشمولي المرتكز على تحقيق رؤيتها في التنمية والتطور، وهو ما جعلها تسير بخطى سياسية ثابتة و واضحة لم تتغير منذ نشأة الجمهورية الشعبية على أراضيها، وعلى الرغم من ذلك، فإن الصين لم تتبنى رؤى بعض الدول لمفهوم السياسة الخارجية بمسك العصا من الوسط، ولا حتى بمفهوم المعاملة بالمثل بالمعنى الحرفي الدقيق، وكذلك لا ترى في ملامح السياسة الخارجية الصينية اجتذاب الأطراف المؤثرين والفاعلين دولياً لتشكيل اقطاب إقليمية أو دولية ترجح كفة مصالحها، فهي لا تنظر لتلك الأطراف الفاعلة دولياً بأنها دائمة او قريبة منها، وإنما وضعت لنفسها نهج سياسي خاص اتضحت ملامحه في التعامل مع جيرانها، وفي مقدمتهم النوويتين الهند وباكستان.

دأبت الصين على ممارسة سياسة ودودة تجاه النووية المسلمة باكستان، وترى في العديد من المواقف السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية دفأ العلاقة الصينية الباكستانية، ولذلك عديد من الأسباب المحورية على رأسها قِدم العلاقات الثنائية بين البلدين والتي بدأت من العام 1950، وكذلك مسارعة باكستان للاعتراف بجمهورية الصين الشعبية بعد قطع علاقتها بالصين التايوانية، وتبنّي الصين سياسة مساندة لباكستان بعد أن كانت تنتهج سياسة الحياد في الخلافات الحدودية بين الهند وباكستان، الأمر الذي جعل مستوى العلاقات الصينية الباكستانية تتطور بشكل متسارع، وتصل إلى مراحل من المساندة الاقتصادية والعسكرية الصينية لباكستان، وتساند الصين بقوة موقف باكستان من الصراع على إقليم كشمير بينها وبين الهند، ودولياً ساندت الصين باكستان العام 1972 باستخدام حق النقض الفيتو لأول مرة في مجلس الأمن الدولي لمنع قبول عضوية بنغلادش، باكستان الشرقية سابقاً، في الأمم المتحدة، وتدعم الصين القوات العسكرية الباكستانية بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة، الأمر الذي يعكس بصورة جلية أهمية الصين بالنسبة لباكستان، وقوة ومتانة العلاقات الثنائية بين الطرفين.

وعلى الطرف الآخر، فقد دعمت باكستان جارتها الصين في العديد من المواقف السياسية أبرزها قضية تايوان والتبت وغيرها من القضايا الحساسة التي شغلت سياسة الصين الداخلية والخارجية، وحتى في أحلك الظروف التي واجهت الصين حديثاً من انتشار فيروس كورونا على أراضيها أواخر عام 2020، ففي الوقت الذي أغلقت الدول أبوابها امام الصين ومنعت حركة الطيران والتنقل منها، قامت باكستان بمد جسر بري وجوي للإمدادات الطبية والوقائية إلى الصين، في موقف ترك طيب الأثر في نفوس الصينيين تجاه الحكومة والشعب الباكستاني.

أما على الصعيد الهندي، فلم تكن الهند كقوة نووية آسيوية في منأى عن أهمية علاقتها بالجارة النووية الصين، فقد رأت القيادة الهندية أنه لا بد من مد جسور التواصل مع الصين على الرغم من موقف الأخيرة من قضية إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، فقامت الهند كباكستان بالاعتراف بالصين كجمهورية شعبية قائمة على أراضي بر الصين عام 1950، وفي ذلك رؤية هندية ينظر اليها بالمنطقية السياسية، فالصين والهند أكبر دولتين آسيويتين من حيث عدد السكان، ومن أسرع الدول عالمياً في النمو الاقتصادي، ويربطهما تاريخياً طريق الحرير التجاري، ومن أكبر الدول الآسيوية والعالمية بحجم التصدير السنوي، ومع ذلك فلم تمنع هذه العوامل مجتمعة البلدين من الدخول في نزاعات حدودية تظهر آثارها من حين لآخر، وبرزت في العديد من الحوادث أبرزها الحرب الصينية الهندية عام 1962، وحتى وقتنا الحالية حيث تنشب مناوشات حدودية بين الطرفين تؤكد عدم استقرار بعض المواقف بينهما.

لا مزايدة إن قلنا أن وضع علاقة الصين مع باكستان على جهة ومع الهند على الجهة الأخرى على كفتي ميزان السياسة الخارجية الدولية يميل لصالح كفة العلاقة الصينية الباكستانية ظاهرياً وواقعياً، إلا أنه من الإنصاف القول أنه لا ترجح هذه الكفة على حساب العلاقات الصينية الهندية رجوحاً كاملاً، فقد رأت الصين أن شراكتها الوطيدة مع باكستان يجب أن تكون ملفاً اضافياً ضاغطاً في صراعها المستمر مع الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي جعل الصين تستقطب باكستان كقوة إقليمية ودولية إلى جانبها، بعد أن كانت باكستان متحالفة بوضوح مع أمريكا في الحرب ضد الإتحاد السوفييتي سابقاً، ولكن هذا لا يعني ان باكستان في حالة من العداء أو فتور العلاقة مع الولايات المتحدة، بل على العكس، فباكستان تعي أن الصينيين والأمريكيين بحاجتها لتحقيق أهدافهما في المنطقة، وإن أردنا أن ننظر بنفس المنظور إلى التعاون الهندي الأمريكي فهو في أعلى مستوياته بالتأكيد، حتى أن الهند أحياناً تمارس سياسة تجاه الصين متّبعة الرؤية الأمريكية نفسها، فنرى الهند ترتبط بتايوان بعلاقات دبلوماسية جيدة، ودعمتها دولياً بانضمامها لمنظمة الصحة العالمية، على الرغم من معرفة الهند أن قضية تايوان بالنسبة للصين قضية سياسية حساسة، ومن القضايا السياسية الحساسة صينياً أيضاً، ولم تراعي الهند علاقتها مع الصين في التعامل معها هي قضية التبت، الأمر الذي ترفضه الصين رفضاً قاطعاً، وتصدر الصين تصريحات سياسية شديدة اللهجة في قضاياها الإقليمية التي يتدخل فيها المجتمع الدولي من حين لآخر ومنها الهند كبحر الصين الجنوبي وهونغ كونغ وتايوان وإقليم التبت.

مستقبلاً، فإن السياسة الخارجية الصينية تجاه كلاً من باكستان والهند لن تتغير ملامحها قريباً طالما أن الصين ترى في باكستان حليف إقليمي قوي داعم لمواقفها الدولية، والهند وكيلة للولايات المتحدة في قرارتها ومواقفها وسياستها تجاه الصين، وتحليلاً للواقع الآسيوي نجد أن الرؤية السياسية الصينية في المنطقة هي الأقرب والأوفر حظاً للتحقيق، فبحر الصين الجنوبي وإقليم التبت وهونغ كونغ وتايوان قضايا باتت مع ولمصلحة الصين بالقوة العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصينية رغم التصارع الإقليمي والدولي على هذه القضايا، ولن يتغير الأمر الواقع الموجود مستقبلاً طالما أن الصين تنتهج هذا النهج السياسي الواقعي بالتعامل مع هذه القضايا الشائكة، محقِقة معادلة ناجحة اتسمت بفرض واقع سياسي ممزوج بنجاحها الاقتصادي دولياً، ورابطة أراضيها بجيرانها بأوروبا بأكبر مشروع تجاري عملي عرفته البشرية ألا وهو طريق الحرير، وتبقي بذلك نفسها على رأس أضلاع الهرم الآسيوي الشائك تاريخياً وحاضراً، تاركة باكستان والهند لإكمال الزوايا المتبقية لرسم ملامح آسيا جديدة وعالم مستقبلي بعد ازمة كورونا تتزعمه الصين.

التصنيفات: مقالات
بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *