شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
يلينا نيدوغينا*
تتسم العلاقات الصينية السورية بالعُمق، وتعود بتاريخها إلى سنوات طويلة سابقة، وقد توثّقت وتعمّدت بالكثير من النقلات الكُبرى سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً، في كل الحقب السياسية والتاريخية التي تلت الاعتراف الدبلوماسي بين الدولتين في العام1956. ومنذ العام 1970، تصلّبت وتعمّقت علاقات البلدين في مجال التعاون بين الحزبين الحاكمين، الشيوعي الصيني والبعث الاشتراكي. أضف إلى ذلك، دعم بكين لدمشق على مر الأزمان في قضية وِحدة الأراضي السورية، وسيادة سوريا واستقلالها التام. ومنذ التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية السورية، صوّت مندوب جمهورية الصين الشعبية لدى منظمة الأُمم المتحدة إلى جانب سوريا، باستخدامه حق النقض (فيتو)، لمنع إلحاق أي ضرر بالدولة السورية والشعب السوري والمستقبل السوري.
ولأجل عرض تصوّر أوضح عن دعم الصين لسوريا، تجب الإشارة إلى أن الصين، ومنذ عام1945 حتى العام2010، (أي خلال 65 سنة)، استخدمت بكين حق (الفيتو) عموماً ست مرات؛ بينما منذ بدء التدخل الأجنبي في الأرض السورية، وحتى العام 2019 (أي خلال 8 سنوات)، استخدمت القيادة الصينية حق (الفيتو) سبع مرات للدفاع عن سوريا، ومرة واحدة استخدمته ضد قرار يتدخل بالشؤون الداخلية لفنزويلا، وكان ذلك في بداية 2019. قبل أيام قليلة، أعلنت الصين عن منح سوريا “طقم اختبار فيروس لتشخيص 2000 فرد”، في إطار مساعدتها للشعب السوري للتخلص من (كورونا)، ويُعتبر هذا الشكل من المساعدات الأول من نوعه في مجال الطبابة والوقاية المُقدّم من شعب الصين للشعب السوري.. وذلك بحسب تصريح السفير الصيني في دمشق، السيد فينغ بيآو، على حسابه الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي، ونقلت وسائل إعلام عديد هذا التصريح. لم تتوقف الصين يوماً عن دعم سوريا بمختلف الوسائل، وتواصل الحكومة السورية العمل مع الصين في ملفات متعددة، بخاصة في مكافحة الارهاب؛ وفي هذا المجال يندرج ملف المسلحين من إيغور “الحزب التركستاني”، الذين ما زالوا يحتلون بعض المواقع في منطقة إدلب بشمال سوريا، ويقاتلون إلى جانب تنظيمات داعش والقاعدة والنُصرة وغيرها.
ووفقاً “لروسيا اليوم” التي سبق ونقلت تصريحات نسبتها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن مواقف بلده والصين “متطابقة أو قريبة جداً حول معظم القضايا الدولية الملحة”، وبضمنها الأوضاع في سوريا بالطبع. في فبراير من العام الحالي(2020)، ووفقاً لفضائية (روسيا اليوم)، أكد (وو هاي تاو) نائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، أن سحق قوى الإرهاب شرط ضروري لإنهاء الصراع في سوريا، داعياً المجتمع الدولي للعمل المشترك لجلب الإرهابيين إلى العدالة. وفي كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي، أشار هاي تاو إلى أن مشكلة المقاتلين الأجانب تمثل خطراً خاصاً، وأصبحت عقبة كبرى أمام استعادة السلام والاستقرار في سوريا، وأشار إلى أن “الملاذ الآمن الذي أنشأته قوى الإرهاب في سوريا تتعين إزالته طبقاً لقرارات مجلس الأمن والقانون الدولي”. تشدّد الصين على موقفها الثابت في القضية السورية.
وفي حديثه عن ذلك، أكد (هاي تاو)، نائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، مخاطباً مجلس الأمن، إن “الصين مستعدة للعب دور بنّاء في إتجاه استعادة السلام والاستقرار والتنمية في سوريا..”، وشدّد على أن “كل البلدان تمتلك الحق في محاربة الإرهاب في جميع صوره، في إطار قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، ومن خلال التركيز على معيار واضح”. وحذّر نائب الممثل الدائم للصين، من أن البديل لسوريا ومنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، هو عدم التوصل إلى السلام.. كما دعا هايتاو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني والاقتصادي في سوريا، مشيراً إلى أنه “من الضروري أن يتم تأمين شروط البقاء للشعب السوري، برفع العقوبات المفروضة من جانب واحد، ودعم إعادة البناء ما بعد النزاع، وبيّن المسؤول الصيني إلى ضرورة عزل التدخل الخارجي في العملية السياسية السورية وتجنّب الأطر الزمنية المُتعسّفة.
الخاتمة: في سبتمبر2017، اجتمع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السوري وليد المعلم. أنذاك، ووفقاً لوسائل الإعلام العربية وغير العربية، وصف الوزير الصيني سوريا خلال الاجتماع بأنها “إحدى المحطات المهمة على طريق الحرير القديم”، وقال إن المبادرة الصينية الجديدة المُسمّاة “الحزام والطريق”، تهدف إلى إعمار سوريا وهي “وسيلة هامة لتعميق التعاون الثنائي في المستقبل، وأن الصين ترحّب بمشاركة سوريا في مشروعات الحزام والطريق، وترغب في التعاون معها في إطار المبادرة من أجل التنمية المشتركة “.
وفي نوفمبر من نفس العام -2017، التقى الوزير وانغ يي المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس بشار الاسد، بثينة شعبان. وخلال الاجتماع، أوضح وانغ يي بحسب وسائل الإعلام، “أن مكافحة الإرهاب وتأييد الحوار وإعادة الإعمار هي الركائز الثلاث للخروج من الأزمة” التي شكّلها التدخل الاجنبي على الأرض السورية، وأكد أن ((مكافحة الإرهاب هو الأساس؛ والحوار وسيلة للخروج؛ وإعادة الإعمار الضمانة))، وتنتهج الصين هذه الاتجاهات الثلاثة التي غدت سبيلاً حسناً في علاقات الدولتين لتنمية علاقات جمهورية الصين الشعبية مع الجمهورية العربية السورية، وهي علاقات باتت تتقدم باضطراد أكبر وتندفع بخطوات أوسع إلى الأمام، منذ بداية العام الحالي الذي بات شاهداً على الكثير من التقدم في علاقات العاصمتين دمشق وبكين.
ـ #يلينا_ياروسلافوفنا_نيدوغينا: إعلامية، وكاتبة في جريدة “الدستور” اليومية الاردنية، ورئيسة تحرير “ملحق الرؤية #الروسية” في صحيفة “ذا ستار”/”الدستور” الأردنية، وعضو اتحادي مؤسس، ومستشارة الرئيس ورئيسة الفرع الأردني في الهيئة الإدارية العربية والمجلس القيادي التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين، وحاملة أوسمة وألقاب فخرية من عدة دول صديقة وحليفة.
*التدقيق اللغوي والتحرير الصحفي: الأكاديمي مروان سوداح.
*المراجعة والنشر: أ. عبد القادر خليل.