CGTN العربية/
إن العلاقات الصينية الأمريكية حاليا هي في أدنى مستوياتها منذ عام 1979. إنه وضع مقلق ينذر بالخطر، لكن هل يعني تدهور العلاقات بين البلدين أن حربا باردة جديدة على وشك أن تبدأ ؟
وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة رينمين الصينية أن أكثر من 60% من الباحثين الصينيين يعتقدون أن واشنطن تشن بالفعل شكلا من أشكال الحرب الباردة ضد بكين، لكن 82% لا يعتقدون أنها تشبه المواجهة العميقة في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي آنذاك.
منطقهم واضح ومباشر. أدت العولمة إلى تشابك المصالح العميق بين أكبر اقتصادين في العالم، مما يعني أن إمكانية الانفصال والعزلة عن بعضهما البعض أمر مستبعد وغير مرجح.
وفقا للبيانات الصادرة عن مجلس الأعمال الأمريكي الصيني، حققت 97% من الشركات الأمريكية أرباحا في الصين العام الماضي. وقال ما يقرب من نصف تلك الشركات (46%) إن معدل الربح لفروعهم في الصين أعلى من معدل الربح الإجمالي للشركة. قبل أن يطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحرب التجارية من جانبه الفردي، خلقت الاستثمارات الصينية في 46 ولاية أمريكية أكثر من 140 ألف وظيفة في عام 2015.
وأي محاولة لشن حرب باردة جديدة ستضر بهذه المصالح.
في النهاية، فإن الاعتماد المتبادل بين الصين والولايات المتحدة يجعل من غير المحتمل أن يكون للدولتين وضع مماثل للمواجهة التي وقعت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقا.
تعتمد القوة العظمى في العالم، أي الولايات المتحدة، على الصين للتصنيع. دعونا نلقي نظرة على قدرة الإنتاج للكمامات في البلدين خلال تفشي الوباء، وفقا للبيانات الصادرة عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح للصين، بلغت القدرة اليومية لإنتاج الكمامات في الصين 110 مليون في نهاية فبراير. أما في الولايات المتحدة، على الرغم من ارتفاع عدد حالات الإصابة المؤكدة، إلا أن الشركات المحلية لا تستطيع إنتاج سوى 70 مليون كمامة شهريا. وذكرت صحيفة “ستريتس تايمز” أن الصين توفر ما يقرب من نصف معدات الحماية الشخصية المصدرة إلى الولايات المتحدة.
من ناحية أخرى، تعتمد الصين على صناعة التكنولوجيا الفائقة الجديدة في الولايات المتحدة. لا يمكن إنكار أن الصين بدأت تتطور بسرعة بالسنوات الأخيرة، لكن لا تزال الحقيقة التي لا جدال فيها أن الولايات المتحدة تتمتع بميزة تنافسية في الصناعات المتطورحيث إن المكونات الأمريكية حيوية للصين لا سيما فيما يخص شركات التكنولوجيا.
لن يستفيد أي من الجانبين الصيني و الأمريكي من الفصل.
صرحت الصين مرارا وتكرارا أنها لا ترغب في بدء حرب باردة مع الولايات المتحدة. على الرغم من أن الصقور المناهضين للصين في الولايات المتحدة دعوا إلى اتخاذ إجراءات متعلقة ببكين أكثر صرامة، فهل تريد هذه الدولة حقا شن حرب باردة ضد الصين؟ في ظل وباء “كوفيد-19” وأزمة البطالة والتمييز العنصري واتساع فجوة الثروة بشكل تدريجي، كانت الولايات المتحدة محرجة من جميع الجوانب، ويعاني السياسيون والمواطنون الأمريكيون من الكثير من المشاكل المحلية بالفعل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المواجهة الأيديولوجية بين الرأسمالية والاشتراكية أقل حدة في القرن الـ21. لا توجد أي دولة على استعداد لإجراء اختيار بين الجانبين أي الصين والولايات المتحدة في عصر العولمة، لأنه في نفس الوقت يمكن أن يؤدي الحفاظ على العلاقة مع كليهما إلى تعظيم الفوائد.
على الرغم من صعوبة تخيل إعادة الحرب الباردة، فمن الواضح أنه طالما كان لدى الجانبين تصورات مختلفة لبعضهما البعض، فإن التوتر بين الصين والولايات المتحدة سيستمر.
وتعتقد الصين أن الولايات المتحدة عازمة على احتوائها لأغراض الهيمنة؛ بينما تخشى واشنطن أن تهدف بكين إلى استبدال مكانتها لتصبح القوة المهيمنة في العالم. حيث يعد انعدام الثقة المتبادلة بين البلدين أحد الأسباب المباشرة لاستمرار تدهور العلاقات بينهما.
وفقا لمجلة “الدبلوماسي”، كان الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد السوفيتي 40% فقط من إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة في أعلى مستوياته، لكن الناتج المحلي للصين يبلغ فعليا 65% مقارنة بالولايات المتحدة. وتمثل الصين والولايات المتحدة معا حوالي 40% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. الصين ليست الاتحاد السوفيتي السابق، والولايات المتحدة لم تكن الدولة التي كانت عليها خلال الحرب الباردة والعالم في الوقت الراهن لم يعد كما كان عليه من قبل أيضا.
يجب أن تبقى الحرب الباردة في كتب التاريخ فقط، ولن تفيد أي طرف إذا كررت وأعادت نفسها.