خطت الصين خطوات كبيرة نحو إنشاء شبكة سكك حديدية وطنية أكثر تكاملا خلال عام 2021، والذي يعد العام الأول من فترة الخطة الخمسية الـ14 للبلاد (2021-2025).

تم توسيع تغطية السكك الحديدية إلى حد كبير في الصين خلال العام، مع افتتاح خطوط تتميز بتكنولوجيا عالية في المناطق النائية لتعزيز تواصل النقل المحلي.

وفي يونيو الماضي، بدأت قطارات “فوشينغ” فائقة السرعة دخول الخدمة في خط السكك الحديدية الرابط بين مدينتي لاسا ونينغتشي بمنطقة التبت ذاتية الحكم بجنوب غربي البلاد، وأتاحت لجنوب شرق التبت إمكانية الوصول إلى خدمات السكك الحديدية لأول مرة في التاريخ.

وبسرعة مصممة تبلغ 160 كيلومترا في الساعة، يمثل الخط الذي يبلغ طوله 435 كيلومترا إطلاق أول خط سكك حديدية كهربائية في منطقة الهضبة في البلاد.

وقالت تسيرينغ تشوتسوه، موظفة في محطة لاسا للسكك الحديدية “يمكن الآن للوجبات الخفيفة المحلية الأصيلة مثل فطائر زهر الخوخ الوصول بسهولة من مسقط رأسي إلى الأسواق خارجه. وفي الوقت نفسه، يمكن للسياح زيارة نينغتشي بسهولة أكبر. ولم تعمل السكك الحديدية على تحسين مرافق النقل للسكان على طولها فحسب، بل وفرت لنا أيضا مزيدا من فرص العمل”.

يقع خط السكك الحديدية الرابط بين لاسا ونينغتشي في الوادي بين جبال غانغديس وجبال الهيمالايا على هضبة تشينغهاي-التبت، ويقع أكثر من 90% من مساره على ارتفاع أكثر من 3000 متر فوق مستوى سطح البحر. ويمر عبر 47 نفقا و121 جسرا ويعبر نهر يارلونغ تسانغبو 16 مرة. وتمثل الأنفاق والجسور 75% من إجمالي طول الخط.

وعلى مدى السنوات الست الماضية، انضم أكثر من 130 ألف عامل إلى بناء خط السكك الحديدية. وتغلب فريق البناء على تحديات بما في ذلك ارتفاع درجة حرارة الصخور والانفجارات الصخرية المتكررة والصعوبات في تقوية الطبقة السفلية للسكك الحديدية.

ومع إطلاق الخدمات في التبت، أصبحت قطارات “فوشينغ” فائقة السرعة متاحة في جميع المناطق على مستوى المقاطعات في البر الرئيسي الصيني. وتفقد الرئيس الصيني شي جين بينغ قسم الخط الرابط بين لاسا ونينغتشي واستقل قطارا إلى لاسا خلال جولته التفقدية في التبت خلال يوليو الماضي.

وعلى متن القطار، أشار شي إلى أنه يجب تخطيط وبناء شبكة السكك الحديدية في التبت لخدمة التنمية عالية الجودة في المنطقة بشكل أفضل وتحسين معيشة السكان المحليين. وبعد نصف عام من التشغيل، قدم خط السكك الحديدية بين لاسا ونينغتشي ما يقرب من 600 ألف رحلة ركاب، مما عزز تنمية السياحة المحلية والتوظيف والصناعات.

وبالإضافة إلى الخط الرابط بين لاسا ونينغتشي، امتدت خطوط القطارات العديدة الأخرى واتصلت ببعضها البعض في شبكة السكك الحديدية في الصين خلال عام 2021. وفي يناير، شهد المسافرون في الأجزاء الشمالية الشرقية من الصين تحسنا لراحة النقل الإقليمي مع التشغيل الكامل لخط السكك الحديدية فائقة السرعة بين مدينتي بكين وهاربين.

ويمتد الخط لمسافة 1198 كيلومترا، حيث بدأ تشغيل جزء جديد بطول 192 كيلومترا ويمتد من بكين إلى مدينة تشنغده بشمالي الصين. وساعد الجزء الجديد في الربط بين الجزأين القائمين. وتعمل خدمات السكك الحديدية الجديدة على إقامة صلة أوثق بين العاصمة الصينية بكين ومقاطعات شمال شرقي البلاد.

وبعد أقل من شهر، تم تشغيل جزء أخير من خط سكك حديدية يمتد أكثر من 3400 كيلومتر من شمال غربي الصين إلى ساحلها الشرقي. وبدأ بناء هذا الجزء في يوليو عام 2017، ويشكل جزءا من خط رئيسي للسكك الحديدية فائقة السرعة الرابط بين مدينة أورومتشي بشمال غربي البلاد مع مدينة ليانيونقانغ بشرقها.

وفي مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين، فتح دخول خط سكك حديدية بين مدينتي تسيقونغ ولوتشو في الخدمات خلال يونيو الماضي، “عصر السكك الحديدية فائقة السرعة” للمدينتين. ومع تكثيف مشغلي السكك الحديدية في الصين لجهودهم لخلق ترابط أفضل لخطوط السكك الحديدية، أشارت أحدث البيانات إلى نجاح هائل في عملهم خلال عام 2021.

وفي الأشهر الـ11 الأولى من العام، تجاوز الاستثمار الوطني للسكك الحديدية في الأصول الثابتة 640 مليار يوان (100 مليار دولار أمريكي)، وتم تشغيل 1644 كيلومترا من خطوط السكك الحديدية الجديدة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك 610 كيلومترات من الخطوط فائقة السرعة.

واحتلت الصين المرتبة الأولى في العالم من حيث طول خطوط السكك الحديدية فائقة السرعة، ومن المتوقع أن يصل طولها الإجمالي إلى 40 ألف كيلومتر بحلول نهاية العام، وفقا لمجموعة الصين الوطنية للسكك الحديدية.

كما أخذ مقدمو خدمات السكك الحديدية الصينيون تجربة الركاب في الحسبان. وقامت منطقة خليج قوانغدونغ-هونغ كونغ-ماكاو الكبرى بتحسين الخدمات للركاب عبر المدن في ساعات الذروة من خلال زيادة القطارات وإطلاق البطاقات الإلكترونية لفحص التذاكر بسرعة. وفي الوقت الحالي، يقدم 50 خطا للسكك الحديدية في الصين خدمات البطاقات الإلكترونية.

ولم يعمل نظام السكك الحديدية في الصين على تعزيز الترابط بين المناطق الحضرية والريفية فحسب، بل بدأ أيضا في توسيع نطاق الاتصالات عبر الحدود. ومنذ التشغيل الرسمي للسكك الحديدية بين الصين ولاوس خلال ديسمبر الماضي، أرسلت المدن الصينية قطارات شحن دولية إلى السوق العالمية، مما أدى إلى خفض تكلفة النقل بنسبة 20% في المتوسط.

وفي الوقت نفسه، كان هناك إجمالي 13.8 ألف قطار شحن بين الصين وأوروبا محملون بأكثر من 1.33 مليون حاوية مكافئة من البضائع في الأشهر الـ11 الأولى من عام 2021. وقال المتحدث باسم وزارة النقل الصينية ليو بنغ في، إن الوزارة عملت على تحسين ترابط البنية التحتية مع الدول المجاورة، من أجل ضمان تدفق مستقر وسليم لسلاسل التوريد اللوجستية الدولية.

وعزز قطاع السكك الحديدية في الصين أيضا اهتمامه بالابتكار نحو المستقبل، وجذب الانتباه العالمي من خلال بعض المشاريع البارزة، بما في ذلك السكك الحديدية فائقة السرعة بين بكين وتشانغجياكو المغطاة بشبكة الجيل الخامس للاتصالات (5G)، وقطارات مغناطيسية فائقة السرعة بسرعة قصوى مصممة تبلغ 600 كيلومتر في الساعة.

*سي جي تي إن العربية.