تشن وي تشينغ صورة له على حسابه الخاص في تويتر وهو يرتدي البشت الخليجي، قال إنه بحاجة إلى قضاء المزيد من الوقت لتعلم الثقافة السعودية رغم بقائه في البلد لأكثر من سنتين. تلقت هذه التغريدة عددا كبيرا من إعادة التغريد والإعجاب، وخطرت ببالي فكرة أن الحضارة العربية الإسلامية حضارة منفتحة ومتسامحة حريصة على أن يتعرف عليها العالم الخارجي.
بصفتي صحفيا، أدرك تماما الإدراك أن العديد من العرب لا يعرفون الصين، والعديد من الصينيين، نفس الشيء، لا يعرفون العالم العربي، في الواقع، يتعارف بعضهما البعض عن طريق الإعلام الغربي، أي بشكل غير مباشر، ويتأثر هذا التعارف إلى حد كبير بالخطاب الغربي.
لكن الجيد أن هذا الوضع قد تغير في السنوات الأخيرة، حيث افتتحت الصين قناة ناطقة بالعربية عام 2009، وهناك وسائل إعلام عربية أطلقت مواقع بالنسخة الصينية مثل الجزيرة نت. لقد أتاح هذا التغير فرصة لتعزيز التواصل المباشر بين الجانبين الصيني والعربي.
بفضل مشروع ترجمة ونشر الأعمال الكلاسيكية بين الصين والدول العربية الذي تم التوقيع عليه عام 2010، وجد الصينيون فرصة لقراءة “تاريخ الثقافة العربية الإسلامية” بقلم المفكر أحمد أمين، إضافة إلى “كليلة ودمنة” و”مقامات بديع الزمان الهمذاني” و”قصة حي بن يقظان” و”ثلاثية القاهرة” لنجيب محفوظ وديوان محمود درويش. وفي المقابل، استطاع العرب قراءة “الروايات الكلاسيكية الأربع العظام” من الأدب الصيني وهي “حلم القصور الحمراء” و”الممالك الثلاث” و”رحلة إلى الغرب” و”أبطال على شاطئ البحيرة”، بالإضافة إلى ما صدر مؤخرا للمستعرب الصيني شيويه تشينغ قوه/بسام من أعمال مترجمة للفلاسفة الصينيين القدامى مثل “كتاب الحوار لكونفوشيوس” و”منشيوس” و”لاو تسي”.
تحدوني الثقة بأن هذه الأعمال المترجمة من وإلى اللغة العربية ستعمل كجسر وسفير يساعدنا على عبور المسافة الجغرافية والاقتراب من العالم الروحي وفهم طريقة التفكير لبعضنا البعض. هذا التواصل المباشر سيجعلنا ندرك أن حضارات الأمم غنية ومتنوعة، ويمكننا مواجهة الاختلافات بشجاعة، وتبادل الاحترام على أساس المساواة، ونبذ الانحياز الأيديولوجي وتجاوز “صراع الحضارات”.